IMLebanon

دستورية انتخاب الرئيس بعد انتهاء الدورة العادية

بانتهاء الدورة العادية لمجلس النواب أول حزيران وعدم صدور مرسوم بفتح دورة استثنائية، يصبح المجلس في غير دور انعقاد، وكل اجتماع يعقده على مستوى الهيئة العامة «غير قانوني وباطل حكماً» عملاً بالمادة 31 ـ دستور. وهذا ما يطرح تساؤلاً حول صحة انعقاد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية الرقم 24، اليوم، والدعوة لجلسات لاحقة مرشحة لأن تكون كثيرة، فكيف يمكن مقاربة هذا التساؤل؟

يمكن القول في الشكل إن الدعوة لجلسة الانتخاب ليست جديدة، باعتبار أنها قد تمت عند الدعوة لانتخاب الرئيس أول مرة في 23 نيسان سنة 2014 وعملاً بالمادة 73 ـ دستور، وبالتالي فإن الجلسة غداً والدعوة للانعقاد لاحقاً هما امتداد للدعوة في المرة الأولى بفارق التاريخ، ولهذا فإن الدعوة اليوم لا تصنَّف أنها جديدة وتتم في غير دور انعقاد للمجلس. ولكن هل إن قانونية تجديد الدعوة، التي تكون بمثابة «تذكير» النواب، كافية لاعتبار الانعقاد وبالتالي إجراء الانتخابات قانونياً؟

في المنطق لا يمكن الفصل بين الدعوة وبين نتائجها، فإذا كانت الأولى دستورية، وهي كذلك، فلماذا لا يكون الانعقاد دستورياً أيضاً، وإلا لماذا يحضر النواب بناءً لدعوتهم وينتخبون؟ والملاحظة الأساسية هنا ما جاء في المادة 74 ـ دستور بنصها على «إذا خلت سدة الرئاسة… لأي سبب آخر» لم يرد مثاله في النص «فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون، وإذا اتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود المجلس منحلاً تدعى الهيئات الانتخابية من دون إبطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابية». فبهذا النص الواضح يتبين ان المشترع قد أزال أي عائق من شأنه ان يؤثر على عملية الانتخاب، ربما باستثناء «إضراب» بعض النواب عن ممارسة صلاحياتهم. فعندما يقول المشترع باجتماع المجلس للانتخاب «بحكم القانون»، حتى ولو بدعوة من رئيسه، يكون قد عطل مفاعيل المادة 31 المشار إليها سابقاً وبالتالي وجوب ان يكون المجلس في دور انعقاد عادي او استثنائي لعقد جلسة وانتخاب رئيس للجمهورية.

ولا يمكن القول هنا إن ما جاء في المادة 74 لا ينطبق على المادة 73 ـ دستور، باعتبار ان الأولى جاءت «لخلو السدة» أثناء استمرار ولاية الرئيس والمادة الثانية (73) قبل انتهاء الولاية. ولكن إذا كانت ماهية المادتين مختلفتين، إلا انهما تتوافقان في إزالة عوائق الانعقاد بفعل ان يكون المجلس في دور انعقاد، بدليل أن ما جاء في المادة 73 أولى حق الدعوة لجلسة الانتخاب لرئيس المجلس في مدى زمني محدد، ولكنه إذا لم يقدم على ذلك قال: «وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض ـ أي الانتخاب ـ فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق اجل انتهاء ولاية الرئيس». فالاجتماع حكماً هنا كالاجتماع بحكم القانون هناك، لا بل يمكن اعتباره أكثر تشديداً، ولتوضيح مفاعيل «الاجتماع حكماً»، وهو الأكثر ارتباطاً بواقع اليوم، فإذا كانت ولاية رئيس الجمهورية تنتهي في الثاني من تموز وكان المجلس في غير دور انعقاد عادي أم استثنائي فهل يمكن الركون إلى خلو سدة الرئاسة بانتظار فتح دورة استثنائية، بانتظار جدول الدورة العادية الثاني بعد 15 تشرين الأول؟ أم ان «الاجتماع حكماً» يشرع الانعقاد وانتخاب الرئيس؟

نعم إن انتخاب الرئيس يجعل المجلس في دور انعقاد دائم لإجراء هذا الاستحقاق حصراً.