IMLebanon

موعد الإستشارات لم يبدّد شكوك التكليف والتأليف

 

ساهم تحديد رئيس الجمهورية ميشال عون لموعد الاستشارات النيابية الملزمة في رفع منسوب التفاؤل بإمكانية ان تكون المشاورات المتعلقة بتكليف رئيس جديد للحكومة العتيدة قد بلغت نهايتها المرجوة وان المرشح سمير الخطيب قطع شوطاً باتجاه التكليف، لكنه لم يبدد الشكوك حول مرور هذه الاستشارات نحو بر الأمان.

 

 

وانقسمت الآراء أمس بين متفائل بما حصل ومتحفظ. وبين الرأيين كان ثمة رأي ثالث يسأل عن المؤشرات التي استند إليها للتسليم بأن المشاورات انتهت فيما هناك جملة معطيات من شأنها أن تعزز خوف الخائفين. ربما يكون سمير الخطيب الأكثر تفاؤلاً بوصوله إلى بر التكليف والتأليف، وهذا ما عبّر عنه لمن التقاهم ممن بكّروا في مباركة تكليفه.

 

ومن المؤشرات التي تبعث على التشكيك:

 

– السجال بين رؤساء الحكومة السابقين ورئاسة الجمهورية كان مؤشراً سلبياً. اتهم رؤساء الحكومات رئيس الجمهورية بـ”تجاهل استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، وإهمال إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف، مع إنكارٍ متمادٍ لمطالب الناس المستمرة على مدى قرابة خمسين يوماً، يُعد استخفافاً بمطالب اللبنانيين وتجاهلاً لإرادتهم من قبل رئيس الجمهورية”. ورأوا في تأخير الاستشارات “اعتداء غير مسبوق، لا قبل الطائف ولا بعده، على موقع رئاسة الحكومة يشكل جريمة خطيرة بحق وحدة الشعب اللبناني وبحق أحكام الدستور”. ما دفع الوزير سليم جريصاتي الى اتهام “ما يسمى نادي رؤساء الحكومات السابقين” بـ”ناد مشبوه يتوسل الغرائز والشعبوية ولا نجد مثيلاً له في نظامنا السياسي”.

 

– موقف رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي بإعلان تأييده مجدداً للرئيس سعد الحريري كرئيس للحكومة.

 

– عدم إصدار الحريري البيان الذي وعد به لإعلان دعمه علانيةً ورسمياً لترشيح الخطيب.

 

– موقف رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي لا يزال “مبهماً وغير واضح”، من بين الأسباب التي دفعت إلى تأخير موعد الاستشارات إلى الاثنين المقبل.

 

– عدم صدور أي موقف عن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان يضع حداً للتكهنات فضلاً عن معلومة تقول إنّ المفتي ليس بوارد استقبال الخطيب لمباركة تكليفه.

 

قد يكون بالإمكان الذهاب بعيداً في التشكيك إلى حد اعتبار أن تحديد موعد الاستشارات حصل في ظل ضغوطات كبيرة لم يعد بإمكان الرئيس عون التغاضي عنها، وأن الامر لو ترك للوزير جبران باسيل والثنائي الشيعي لكانا فضلا إكمال المشاورات إلى النهاية والتأكد من نية الحريري. في المقابل قد يكون الحريري هو الآخر لم يعد بمقدوره الصمود في ظل الضغوطات التي تمارس عليه لتسمية البديل عنه. وافق على الخطيب وهو يعرف ضمناً أن خطاه قد لا تقوده الى التكليف والتأليف رسمياً لغياب الغطاء السني لتكليفه، هذا فضلاً عن حراك الشارع الذي قد تكون له الكلمة الفصل في إكمال المشاورات وتأمين وصول النواب إلى بعبدا، حينها يمكن لرئيس الجمهورية والذي استقبل وفداً من الحراك قبل يومين أن يقول “حددت الموعد وأفشلتموه”، ومبرر التساؤل هنا ماذا لو سقط الخطيب في الشارع أيضاً؟

 

تشاؤم قد لا تتماهى معه بعض الأطراف المشاركة في المفاوضات والفاعلة فيها، والتي تقول إنّ الأوضاع بلغت حداً جعلت الجميع يدرك أن لعبة الوقت كما حرق المزيد من الاشخاص بلغت مداها، وفي ظل الوضع الاقتصادي المأزوم بات التأخير ضرباً من الجنون، خصوصاً أن الحريري أبلغ الثنائي الشيعي عدم قدرته على السير قدماً في تشكيل حكومة لا تكون تتماشى مع رؤيته للأمور. غير أن الحريري من وجهة نظره وافق على الخطيب على اعتبار أن عمر حكومته لن يزيد على ستة أشهر ومهمتها تقطيع الأزمة المالية لنكون أمام حكومة ثانية مختلفة.

 

أسباب الاستشارات

 

وإذا كانت مبررات التشاؤم قائمة أمام المتوجسين، فلا بد من الوقوف على الأسباب التي دفعت رئيس الجمهورية الى تحديد موعد للإستشارات بعد مرور ما يقارب الشهر على استقالة حكومة الحريري؟

 

يقول مصدر سياسي شريك في المشاورات الحكومية ان تحديد موعد الاستشارات جاء بناء على الاجتماع الذي جمع المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل والوزير علي حسن خليل بالرئيس الحريري، زاره الخليلان بنية التأكد من نواياه خصوصاً ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يكن على يقين بعد، سأل الثنائي الرئيس الحريري “سؤال أخير ونهائي، أنت أكيد راح تمشي بسمير الخطيب” فأجابهما “أكيد ماشي”.

 

ربع ساعة من الوقت كانت كفيلة بفتح أبواب الفرج على مصراعيها. كان الاتفاق أن يعلن الحريري موافقته العلنية على الخطيب، لكن الحريري استعاض عن البيان بعبارة دعم رددها أمام الصحافيين لم يعتبرها البعض كافية ورأوا في الخطوة عاملاً مقلقاً.

 

يقول المصدر ان الاتفاق تم بعد تراجع الحريري عن فكرة الانتخابات المبكرة والقبول بحكومة تكنو – سياسية وغض النظر عن الصلاحيات الاستثنائية، وحين اطمأنوا اعلن رئيس الجمهورية موعد الاستشارات النيابية الملزمة.

 

ولكن الخطوة التي خلّفت علامة استفهام تمحورت حول اسباب تأخير موعد الاستشارات إلى الاثنين، الامر الذي ربطته مصادر مطلعة بعوامل عدة من بينها محاولة اخيرة لتذليل عقد حول بعض الحقائب الوزارية، وتواجد رئيس “الوطني الحر” جبران باسيل خارج البلاد ليومين، والوقوف على حقيقة موقف جنبلاط.

 

وفق المعلومات فإن نقطة الخلاف الأساسية قد تم تلافيها بحيث كان يشترط الحريري أن يسمي والخطيب الوزراء التكنوقراط، الأمر الذي رفضه الثنائي الشيعي و”التيار الوطني الحر” وأصروا على اختيار كل طرف اسماء وزرائه “ليس من حقكم اختيار وزراء غيركم وهذه حكومة توافق”. فقطعت العقبة بسلام.

 

إذا حصل وكلف فسيشكل الخطيب حكومة مرجحة من 24 حقيبة وزارية، سيتمثل الثنائي الشيعي بأربعة وزراء، وزيري دولة هما مبدئياً علي حسن خليل ومحمد فنيش، تبقى حقيبة المال من حصة الرئيس بري ومن الأسماء المرشحة لتوليها رائد شرف الدين، في حين لم يحسم “حزب الله” اسم وزيره من الاختصاصيين.

 

مبدئياً حلت أزمة وزارة الداخلية التي أصر عون على ضمها لحصته لكنه عاد وتنازل عنها للحريري والتي ستشغلها مجدداً الوزيرة الحالية ريا الحسن.

 

في المقابل سيحتفظ “التيار” بوزارة الطاقة من ضمن حصته لتستمر الوزيرة ندى البستاني في مهامها على رأس الوزارة، وبحقيبتي الدفاع والخارجية وفيما لم يحسم اسم المرشح للحقيبة الاولى، حسم امر الحقيبة الثانية والمرجح ان يتم اسنادها الى احد السفراء السابقين او الحاليين، مع ارجحية ان يشغل سليم جريصاتي حقيبة وزير دولة مجدداً. اما المرشح لتولي حقيبة العدل فهو رئيس مجلس شورى الدولة السابق هنري حلو.

 

مبدئياً يمكن القول وفق مصادر الأطراف المفاوضة ان العقبات بغالبيتها ذللت وبقيت التفاصيل الصغيرة التي يفترض ان يتم الاتفاق بشأنها قبل موعد الاستشارات لتنطلق رحلة التكليف والتأليف ويكون البلد امام حكومة جديدة قبل نهاية العام الجاري. ولكن هناك من لا تزال تساوره الشكوك ويغلب عليه الخوف من اللحظات الاخيرة التي تسبق الاستشارت من ان تحمل مفاجأة ما كأن تغير بعض القوى التزاماتها تجاه الخطيب، ونكون امام تسميات متنوعة ولذا فضل عون ان يباشر الاستشارات بكتلة المستقبل ليبني على تسميتها مقتضاه، وحرص بري على ان يكون موعد كتلة التحرير والتنمية بعد الظهر وقوفاً على حقيقة الموقف.