أنا والرئيس متفاهمان على كل كبيرة وصغيرة. هذا ما أعلنه الرئيس سعد الحريري المكلف تأليف الحكومة بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا. وهو متفائل، وان كانت هناك أمور لم نستطع حلّها في العقد التي تعرقل التأليف. والأمل هو في ألاّ يكون تفاؤله من النوع الذي ينطبق عليه قول رئيس الوزراء الروسي الراحل يفغيني بريماكوف المتشائم هو شخص متفائل لكنه يعرف أكثر، ولا من النوع الذي ينطبق عليه قول ميلان كونديرا التفاؤل أفيون الشعوب.
ذلك ان لبنان الذي عاش وازدهر في بعض المراحل على صيغة سحرية اختصرها ميشال شيحا بتعبير سوء التفاهم المتفق عليه يواجه منذ مدة صيغة واقعية هي التفاهم المختلف عليه. ولم يعد من المفارقات ان تنطلق الخلافات الكبيرة والصغيرة على الحكومة من الاجماع على معيار واحد هو احترام نتائج الانتخابات وبالتالي توزيع الحصص على أساس الأحجام والأوزان. لكن القراءة في نتائج الانتخابات تهمل الأسباب التي قادت اليها، وبعضها تحالفات انتخابية بين أطراف متناقضة في المواقف السياسية والمبادئ والبرامج. وما تتركز عليه الأضواء هو الحقيقي والمفتعل من العقد الظاهرة المتعلقة بالتمثيل المسيحي والسني والدرزي. وهذه لها حلول في النهاية. أما العقد الأكبر، فانها تتجاوز الحكومة وتبدو مشاريع أزمات، من حيث يتصرف أصحابها كأنها حلول.
أم العقد هي الرهانات على حكومة لكل الفصول والمهام. حكومة الصراع على الأمر لي في نظام محكوم بالمشاركة. حكومة العهد، حيث السلطة الاجرائية مناطة بمجلس الوزراء الذي يضم الممثلين الحقيقيين للطوائف والمذاهب. حكومة الاشراف على الانتخابات النيابية المقبلة بعد ٤ سنوات والانتخابات البلدية وتقديم أي مشروع قانون انتخاب لتعديل القانون الحالي او اعداد قانون جديد. حكومة التمهيد لعهد جديد، بصرف النظر عما اذا كان ذلك يطلق او يكربل العهد الحالي. حكومة السقف الشرعي للمقاومة الاسلامية القوية على الأرض بما يعكس حديث قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني عن اكثرية ٧٤ نائبا في مناخ حزب الله. حكومة المحور الاقليمي المنتصر في سوريا والعراق واليمن ولبنان أو حكومة اضعاف هذا المحور كما يسعى خصومه. وحكومة الحفاظ على الطائف وما أعطاه من مكاسب لطوائف وصلاحيات لمقام رئاسة مجلس الوزراء.
وأقل ما يدور النقاش حوله هو المهام الملحة للحكومة في معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية وايجاد حلول للنفايات والماء والكهرباء والسير. وهي المهام الملحة بالنسبة الى الناخبين، بصرف النظر عن صراعات ممثليهم، والتي تجعل المجتمع الدولي اكثر حماسة من تشكيل الحكومة.
ولا بد من التفاؤل.