العقد تتربع في مربعها الأول.. والرئيس المكلف تحاصره المطالب القاسية
الحكومة العتيدة في غيبوبة وإمكانية انعاشها داخلياً شبه معدومة
مصدر وزاري سابق: رحلة تأليف حكومة سلام استغرقت أكثر من عشرة أشهر بينما لم يمض على تكليف الحريري الشهران ونصف، فلِمَ الاستعجال!
تؤكد كل المعطيات على مختلف الجبهات السياسية بأن تأليف الحكومة العتيدة دخل مرحلة الغيبوبة وان إمكانية انعاشها داخلياً هي شبه معدومة بالنظر إلى الارتفاع المستمر لجدار الخلافات بين القوى السياسية على الحصص الوزارية، وحرب الفيتوات التي تداور رحاها على أكثر من محور طائفي، وهو ما حدا بأحد الوزراء السابقين المخضرمين في اللعبة السياسية اللبنانية إلى القول بأن عقد التأليف تزداد يوماً بعد يوم، وهذه العقد هي متشعبة وتأخذ اشكالاً مختلفة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي، وهذا الواقع يجمد الحراك المطلوب سعياً وراء تشكيل الحكومة، ومرد ذلك إلى انه لم يعد هناك أحد في الداخل اللبناني لديه القدرة السياسية للضغط في سبيل انتشال عملية التأليف من قعر التعثر الموجودة فيه.
وإذا كان هذا الوزير يُؤكّد بأن عملية التشاور بشأن التأليف لم تبارح المربع الأوّل منذ 75 يوماً، وان العقد ما تزال هي.. هي.. حيث يرفض النائب وليد جنبلاط ان يشاركه أحد في الحصة الدرزية، وتتمسك «القوات اللبنانية» بالمطالبة بحقيبة سيادية اما الدفاع أو الخارجية، وإصرار النواب من خارج سرب «تيار المستقبل» اشراكهم في عملية التوزير، فإنه يلفت النظر ان هذه العقد بدأ يضغط عليها العامل الإقليمي والدولي وان معالجة هذه العقد لم يعد داخلياً بل بدأ يأخذ منحى خارجياً وقد عبّر عن ذلك عدد من الأقطاب السياسيين في اليومين الماضيين اما بشكل مباشر أو عن طريق التلميح.
وفي الوقت الذي يرى فيه الوزير المخضرم سياسياً بأن الرئيس المكلف وصل إلى وضع لا يحسد عليه في رحلته التي انطلق بها منذ ما يقارب الشهرين ونصف الشهر بحثاً عن التوافق على تأليف الحكومة الثانية في هذا العهد، فإنه ينفي بالمطلق ما تحدث عنه البعض بأن الرئيس سعد الحريري طلب من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون التدخل لدى القيادة السعودية لتسهيل مهمته معتبرا بأن هذا الكلام خيالي وبعيد كل البعد عن واقع العلاقة بين الرئيس الحريري والمملكة، كما ان الرئيس المكلف ما زال امامه مساحة واسعة من الوقت للتأليف، فقد سبق وبقيت عملية التأليف التي قادها الرئيس تمام سلام 315 يوماً، في حين ان تكليف الرئيس الحريري لم يصل بعد زمنياً عتبة التسعين يوماً، وهذا يعني ان الرئيس المكلف ليس محشورا بالوقت حتى يطلب تدخل اي جهة.
وفي اعتقاد الوزير نفسه ان الرئيس الحريري عاد وان بشكل غير مباشر إلى قواعد الرابع عشر من آذار من خلال رفضه تأليف حكومة لا ترضي لا النائب وليد جنبلاط ولا الدكتور سمير جعجع، وهو يلمس بأن مطالب الفريق الآخر قاسية وترمي إلى توزير أشخاص بالقوة وتحجيم قوى لها وزنها على الساحة السياسية.
مقابل ذلك، يعتبر هذا الوزير بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليس في وارد التراجع عن مواقفه وهو في موازاة ذلك غير قادر ايضا على العمل لسحب التكليف من الرئيس الحريري، لا بل ان هذه الفكرة غير واردة في الأساس لديه، وهذا المناخ يرفع من منسوب التعقيدات الموجودة، سيما وان الرئيس عون كان واضحا في موقفه الأخير حيث رأى ان لا موجب للقاء الرئيس المكلف والوزير جبران باسيل ما لم يكن هناك من جديد على مستوى التأليف يُمكن بحثه في هذا اللقاء وبذلك دلالة واضحة بأن التعويل على مثل هذا اللقاء مستحيل في الظروف الراهنة حيث ما زال كل فريق سياسي يتمترس وراء مطالبه على مستوى حجم التمثيل في الحكومة الذي في غير مقدور الرئيس المكلف تحقيقه.
ويؤكد الوزير السابق بأن العامل الإقليمي أكثر تأثيرا في عملية التأليف، كون ان وضع المنطقة قد دخل في مدار المتغيّرات، وهذا الأمر يجعل كل دولة معنية تمسك جيداً بالاوراق التي تؤثر فيها في المنطقة لكي تلعبها متى حانت عملية التسوية التي يعمل عليها في المطابخ الدولية، من دون ان نتجاهل بأن ملف النازحين السوريين هو من بين هذه الأوراق التي ستوضع على طاولة هذه التسوية، ومن الممكن ان يستخدم أي طرف هذه الورقة خدمة لاهدافه من دون إعطاء موضوع تأليف الحكومة في لبنان أدنى اهتمام.
وحول إمكانية عقد طاولة حوار بدعوة من رئيس البلاد تشمل كل القوى السياسية للتفاهم على تأمين ولادة الحكومة، يسارع الوزير المشار إليه إلى القول بأن هذا الأمر كان ممكناً منذ أسابيع، اما وقد دخل الآن بقوة العامل الإقليمي على خط التأليف فإن أي مبادرة من هذا النوع لم تعد تسمن ولا تغني من جوع، بمعنى لن يكون لها أية مفاعيل، ما دامت القوة الخارجية تضغط على الشأن الداخلي وتجعله ضعيفاً في القيام بهذه المهمة.