ينقل وفق معلومات مؤكدة، أن العقد الذي تم توقيعه بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، لا ينحصر في الشقّ الإقتصادي والمالي فحسب، بل يتخطّاه إلى البعد السياسي، على اعىتبار أن في لبنان حالة انقسام واضحة بين المكوّنات السياسية والحزبية، وتباينات حيال الحوار الذي كان سائداً بين لبنان وصندوق النقد، إضافة إلى الحملات الأخيرة التي أخذت المنحى القضائي والمصرفي والتعرّض لحاكم مصرف لبنان، مما كاد في بعض المحطات أن ينسف هذا الحوار القائم مع صندوق النقد، ولكن ومن خلال الأجواء التي لها صلة حيال ما جرى، فإن المخاوف من إفلاس حقيقي للبنان ولأوضاعه الإقتصادية والمالية، وعلى خلفية ما تفوّه به نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي في هذا السياق، فإن معظم الأفرقاء توجّسوا من أن يكون هذا الإنهيار مدمّراً على الجميع، خصوصاً مع اقتراب الإنتخابات النيابية، وتجنّباً لمزاج الناس، فهذا ما سهّل عملية الحوار، ربطاً بمعلومات عن اتصالات مكثّفة قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع رئيسي الجدمهورية والمجلس النيابي، ومع معظم المرجعيات السياسية، حيث تم وضعهم في الصورة، وحذّرهم من مغبة أي عرقلة قد توقف هذا الحوار، لأن لبنان لا يتحمّل هذه الصدمة التي ستكون له بمثابة النهاية للبلد.
في السياق، تلفت المصادر المتابعة، إلى أنه وبعد توقيع العقد مع صندوق النقد الدولي، وإشاعة الأجواء الإيجابية بين لبنان والخليج، من المتوقّع أن يزور منسّق أموال «سيدر» بيار دوكان بيروت، إضافة إلى موفدين آخرين، من أجل وضع ترتيبات لكيفية ترجمة العقد مع صندوق النقد الدولي، وكل ما يتعلّق بعلاقة لبنان بالدول المانحة، أو الصناديق الضامنة بصلة، وربطاً بهذه المعطيات، فإن دوكان سيؤكد أن أموال «سيدر»، ما زالت مجمّدة لمصلحة لبنان، ولكن آلية تسييلها تغيّرت بعد المتغيّرات والتحوّلات التي حصلت في لبنان والمنطقة، وكذلك، بانتظار أن تقوم الحكومة اللبنانية الجديدة بعد الإنتخابات النيابية برزمة إصلاحات مالية وإدارية وعلى كافة الأصعدة، وعندئذ، لا مشكلة في صرف هذه الأموال في ظل مراقبة لصيقة من قبل الدول المانحة والصناديق الضامنة.
وعلى خط موازٍ، تلفت المصادر، إلى أن المسار السياسي لن يكون بعيداً عن هذه الأجواء وما تم إنجازه، أكان على صعيد إبرام العقد بين لبنان وصندوق النقد الدولي، أو الخطوات القادمة، وتحديداً تلك التي تتعلّق بالدعم المالي أو المساعدات التي ستمنح للبنان، بمعنى أن التواصل السياسي بين الدول المعنية، هو الذي أدّى إلى إنجاز هذه الخطوات، ولكن يبقى كل ذلك مرتبطاً بوضع البلد وكيف سيكون عليه ما بعد الإنتخابات النيابية والإستحقاق الرئاسي، أي أن سبل الدعم والمساعدات لن تكون قبل إنجاز الإستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة إصلاحية.
ويبقى أخيراً، أن هذه الإيجابيات التي ظهرت في الأيام الماضية تبقى موضع ترقّب وانتظار، ما ستؤول إليه الإتصالات الجارية لوقف الحملات على حاكم مصرف لبنان والمصارف بعد توقيع العقد مع صندوق النقد الدولي، باعتبار ذلك يؤثر سلباً في هذا الإتفاق، كذلك هناك خوف وقلق من استمرار التصعيد السياسي العالي النبرة، وحتى من قبل رئيس الجمهورية وآخرين، مما يعيد الأمور إلى المربّع الأول لأن ما يجري اليوم يصبّ في خانة تصفية الحسابات السياسية والشعبوية والتجييش، وهذا التصعيد قد يعيد النظر من قبل المجتمع الدولي حول أمور وملفات كثيرة، الأمر الذي يستدعي انتظار ما ستسفر عنه الإتصالات الجارية للتهدئة، لا سيما مع اقتراب الإستحقاق الإنتخابي.