Site icon IMLebanon

المتعاقدون يعتصمون.. المتقاعدون يشتكون والأساتذة يُصعِّدون

 

تكاد وزارة التربية والتعليم العالي أن تتحوّلَ إلى حائط مبكى، إذ لا يَمضي أسبوع من دون أن يشهد محيطها تظاهرات مطلبية، أو اعتصامات احتجاجية. فبعد تحرّكِ أساتذة التعليم الخاص وإضرابهم 3 أيام، اعتصَم صباح أمس متعاقِدو التعليم الرسمي، لتثبيتِهم، فيما توّج أساتذة التعليم الثانوي الرسمي إضرابَهم العام ظهراً بمؤتمرٍ صحافي واضعين النقاط على الحروف: «كرامة الأستاذ قبل أيّ شيء». فيما طلبَ وزير التربية مروان حمادة «من جميع مكوّنات العائلة التربوية، إلتزامَ هدنةٍ تعليمية لكي لا تنعكس هذه الخلافات على مصلحة الطلّاب».

عدوى الإضرابات تنتقل إلى التعليم الرسمي… هذا هو حالُ القطاع التربوي، سواء في الخاص أو الرسمي «لا تِشكيلي بِبكيلك». فيما وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة لا يُفوّت لقاءً أو اتّصالاً أو كلمة إلّا ويدعو إلى عقدِ جلسةٍ حكومية تربوية.

وفي هذا السياق، أعرَبت مصادر تربوية لـ«الجمهورية»، عن «إنزعاج حمادة من عدمِ تحديد موعد لجلسة حكومية تربوية، وسط تراكمِ الأزمات وتداخلِ الملفات الشائكة منذ إقرار سلسلة الرتب والرواتب، على اعتبار «ما في شي أهمّ مِن القضية التربوية، شو بعدُن ناطرين؟».

وما زاد الوضع التربوي سوءاً تعرُّضُ الأساتذة الثانويين الملحقين بكلّية التربية إلى اعتداء، وتوقيف 5 منهم نهاية الأسبوع المنصرم خلال مطالبتِهم بحصولهم على الدرجات الست، فما كان من رابطة التعليم الثانوي إلّا أن أعلنَت الإضراب العام مطلعَ الأسبوع الجاري استنكاراً لِما حصَل وتذكيراً بمطالب أساتذتها.

في التفاصيل

مِثل زَخِّ المطر، تواصَلت الاجتماعات داخل وزارة التربية، ولا سيّما في الطابق 15 حيث مكتب حمادة: شكاوى، مطالبات، مراجعات، لقاءات «وفد رايح وفد جايي»، لم يكن ينقص زحمة المواعيد إلّا خروج أحدِ المصاعد الأربعة عن الخدمة، ممّا زاد الضغط وحِدّة الانتظار. أمّا محيط الوزارة، فلم يتأثّر ببرودة الطقس، بل بدا كخلية نحل، إذ اعتصَم صباحاً متعاقدو التعليم الرسمي من ثانويّين ولجان التعاقد الاساسي، رافعين الصوتَ لتثبيتهم ورفض إجراء أيّ مباراة مفتوحة.

وتحدّثَ باسمِ المعتصمين رئيسُ الحراك حمزة منصور، مستنكراً الاعتداءات المتواصلة من السلطة على حقوقِ المتعاقدين المشروعة، وأهمُّها، الحق بالتثبيت للمتعاقد، الحق بإنهاء ملف رفعِ أجر الساعة مع إعادة تعديلها لتتخطّى حدود 4000 إلى حدود 16000 التي أعطيَت لأساتذة الملاك، الحقّ بالطبابة وبدل النقل واحتساب ساعات العطل القسرية».

أساتذة الثانوي الرسمي

وظهراً، عَقدت رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي مؤتمراً صحافياً، بعدما أعلنَت الإضراب العام ليومٍ واحد «مبدئياً»، وفق ما أكّده رئيس الرابطة نزيه جباوي لـ»الجمهورية»، موضحاً أنّ «الرابطة على أتمّ الاستعداد لتجديد الإضراب دفاعاً عن كرامة أساتذتِها ولتحصيل حقوقِهم».

وأضاف: «رفعنا صوتنا منعاً لأيّ تطاوُلٍ على الأستاذ وعلى ما يُمثّله من قيمةٍ إنسانية فكرية، كرامة الوطن من كرامة الأستاذ، نرفض التعرّضَ لأيّ أستاذ، لا سيّما الذي يطالب بحقوقه بطريقة سِلمية».

وحيال نقمةِ الأساتذة المتفاقمة، سواء في «الخاص» أو «الرسمي»، قال جباوي: «بات يُراودنا الشكّ في أنّ البعض «محطَّط» على الأستاذ، يُصوّبون عليه من كلّ الاتجاهات، علماً أنّنا كأساتذة في التعليم الرسمي لم ننَل حقَّنا في السلسلة بالكامل، فبعضُ القطاعات أعطيَت زيادات 140 إلى 160 في المئة، فيما لم تتجاوز زياداتنا مع الدرجات الست الـ 75 في المئة».

وأكّد جباوي «دعم الرابطة لأساتذة الخاص في حقّهم بتنفيذ كامل مندرجات القانون 46، بما فيها الدرجات السِتّ، إلّا أنّها ترفض أن تسدّد لهم الدولة أيّ زيادة نيابةً عن المؤسسات التعليمية الخاصة، لأنّ ذلك ضربٌ للتعليم الرسمي».

لرَفع أجر الساعة

وكان جباوي قد ألقى كلمةً أمام المعتصمين في مكتب الرابطة، أبرزُ ما جاء فيها: «كان الأساتذة والمعلّمون في طليعة المدافعين عن الحقوق، ومع ذلك حصَلوا على أدنى نسبة زيادة بالمقارنة مع القطاعات التي استفادت من السلسلة، وحال ُزملائنا طلّاب الكفاءة في كلّية التربية الذين تمّ تعيينهم كأساتذة تعليم ثانوي متمرّنين، وهم يمارسون التعليمَ في الثانويات الرسمية، لم يكن التعامل مع قضيتهم بالمستوى المطلوب، فقد عانوا من التأخير في إلحاقهم في كلّية التربية ومن عدمِ تأمين رواتبهم على مدى خمسة أشهر بسبب الروتين الإداري». وأضاف: «ما زاد في مظلوميتهم عدمُ شمولهم بالدرجات الاستثنائية السِت التي هي مِن حقّهم بحسب أكثر من مطالعة قانونية باستثناء مطالعة مجلس الخدمة المدنية التي حجَبتها عنهم».

واستنكَر ما تعرّضَ له أساتذة «التربية»: «إضراب اليوم رسالة، وليكن ما حصَل يوم الخميس الفائت حالة عابرة لن تتكرّر، وأن يتمّ فتحُ تحقيق وتحديد المسؤولية ومعاقبة الفاعلين»، مؤكّداً «حقّ الأساتذة في الدرجات الستّ»، ومطالباً بـ»رفع أجرِ ساعةِ التعاقد بنسبة الزيادة نفسِها التي أقِرّت في القانون 46، والإسراع في عَقد الجلسة التربوية».

حمادة
وسط غمرة انشغالاته بقضايا أساتذة المدارس، استحوَذ التقرير الإخباريّ الذي نشرَته إحدى المحطات التلفزيونية، والمتعلّق بإقدام أحدِ المعاهد الجامعية على بيعِ شهادات، بحسب ما ورد في التقرير، على اهتمام حمادة الذي كلّفَ المدير العام للتعليم العالي الدكتور أحمد الجمال تحريرَ رسائل عاجلة إلى الأجهزة الأمنية التي ورَد في التقرير أنّها ارتكزَت على شهادات من المؤسسة المعنية، كما كلَّفه فتحَ تحقيق إداريّ مع المؤسسة الجامعية المعنية.

وأكّد حمادة «أنّ سلامة التعليمِ مِثلُ سلامة الغذاء وسلامة البيئة وسلامة المواطنين، مشدّداً على «أنّ هذه الأمور لن تمرّ بلا اتّخاذ الإجراءات اللازمة التي تنصّ عليها القوانين المرعيّة الإجراء».