IMLebanon

تلاقي «الحاجات» يفتح قنوات الحلول «الموضعية»

أسئلة في جعبة سيناريوهات التسوية وطابخيها

تلاقي «الحاجات» يفتح قنوات الحلول «الموضعية»

يستمر تعميم المناخات الايجابية في البلد بما يوحي ان امكانية ابتداع حل لبناني أمر قابل للتطبيق.

يكثر الحديث عن وجوب الاستفادة من لحظة تقاطعات خارجية من اجل «تمرير» استحقاق لبناني حيوي هو انتخابات رئيس للجمهورية اللبنانية. فالموضوع أقل بكثير من «تسوية تاريخية» واكبر من توافق على حل أزمة النفايات.. لا يعدو الأمر أكثر من تلاقي مصالح وحاجات وحسابات الأطراف الداخلية على حلول «موضعية» لبعض الإشكاليات التي تعطّل الدولة.

يروي سياسي مستقل بعضا من تفاصيل الحراك المستجد، معتبراً أنه «ياتي في لحظة مفصلية يحتاج فيها الجميع الى استخدام خطة بديلة عن تلك التي ستوصل الجميع الى حائط مسدود». يكشف أنه حين زار رئيس الحكومة تمام سلام السعودية، تجاوزت الزيارة البروتوكولات الشكلية ليؤكد فيها سلام للمسؤولين السعوديين أن ابقاءهم لبنان في آخر اهتماماتهم وتركه لما بعد انهاء ملفات المنطقة المشتعلة، قد يكون له تداعيات على الواقع اللبناني لا يمكن ترميمها «فلبنان على شفير الانهيار على اكثر من مستوى سياسي واقتصادي وامني وحتى اجتماعي». ويشير السياسي إلى أن الرئيس سلام سمع كلاما داعما ومؤيدا لاية تسويات ممكنة وفي اي ملف داخلي «شرط ان يتم حفظ التوازنات في كل الحلول الممكنة».

هو الكلام نفسه الذي سمعه الرئيس سعد الحريري وقدّر امكانية البناء عليه.

في المقابل، كان امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله يطلق مبادرته لـ «تسوية شاملة». وهي، بحسب السياسي نفسه، «حاجة تزداد الحاحا. فقد ذهب الحزب بعيدا في حربه في سوريا التي طالت. وهو يدرك أنه يحتاج الى تأمين خط العودة الى لبنان عبر تسوية تضمن له الابقاء على مكانته في التوازنات الداخلية. وما يمكن أن يحصل عليه الحزب الآن لن يكون بالقدر نفسه متى حصلت التسوية السورية. لذا تلاقت الحاجتان، السنية والشيعية لتعمم هذه الاجواء الايجابية».

بناء على ما تقدم، التقط كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط اشارات الانفتاح. راح كل منهما يغزل بنوله تسوية يمكن أن تتلاءم مع ظروف المرحلة. يستند الرجلان الى خبرتهما الطويلة، ليس فقط في معرفة السياسة اللبنانية وتعرجاتها ومطباتها، بل خصوصا الى معرفتهما بالاشخاص وطرق تفكيرهم واساليب عملهم. وهكذا جرى التداول، بحسب السياسي المستقل، بسيناريوهين محتملين للتسوية:

الاول، انتخاب رئيس وسطي والاتيان برئيس حكومة من طراز الرئيس نجيب ميقاتي او تمام سلام، مع التوافق على قانون انتخاب يحفظ التوازن القائم، ومراعاة بعض التوافقات التفصيلية المسبقة.

الثاني، وهو الاكثر رواجا، فيتمثل بانتخاب رئيس من «8 آذار»، وطرح اسم سليمان فرنجية بجدية، في مقابل اعطاء رئاسة الحكومة للرئيس الحريري من دون الثلث المعطل، مع الاتفاق المسبق مع فرنجية على عدم تعطيل المراسيم الحكومية. اما قانون الانتخاب فيُحافظ على التوازنات مع امكانية اعطاء مجال اوسع للتغيير في الوسط المسيحي.

لكن دون هذه التسوية عقبات اساسية تتمثل بالواقع المسيحي، فهي ستعزز التحالف بين النائب ميشال عون ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع. كلاهما لا يرى أي ربح لهما، او للاطراف المسيحية في مثل هذه التسوية. كما ان لكل منهما منفردا اعتراضه عليها. وقد بكّرا بالاستنفار في مواجهتها. بالتالي لا بد من سلة ضمن السلة ترضي الاطراف المسيحية، اقله في ما يشبه الغموض البناء الذي سوّقه اتفاق الدوحة تاركا الانطباع لدى جميع القوى انها قادرة على الربح والتقدم في قانون الانتخاب، أو سواه.

تتحفظ القوى المسيحية على التعليق على هذه السيناريوهات والمواقف. لكن مسؤولا حزبيا يطرح مجموعة اسئلة «بريئة» في محاولة فهم ما يدور. يسأل «لماذا اشهار اسم النائب فرنجية وعدم الاكتفاء بالقول مرشح من 8 آذار؟ اليس في ذلك محاولة لزيادة الحساسية بين فرنجية وعون؟ ام هي محاولة لدفع الاخير للتقرب اكثر من جعجع تمهيدا لاقصائهما معا، خصوصا أن بكركي لن تمانع في انتخاب فرنجية؟ اليس في خلفية ذلك عقلية اعتادت على تهميش واقصاء المسيحيين عبر اكبر حزبين يمثلانهما؟ اليس من الممكن ان يكون طرح اسم فرنجية من باب محاولة حرقه، ليمهد الطريق للاتيان برئيس يلائم اكثر المواصفات التي يرتاح اليها طابخو ومروجو هذه التسوية؟ ففي النهاية، ومع ادراكنا أن فرنجية، كما يقول هو، صديق شخصي لبشار الاسد، لا ننكر له الحيثية والحضور والموقف. ووفق الممارسة السائدة لا يبدو ان الرئيس المرغوب به قادر على ان يمتلك موقفا ويفرض رأيا».