كل التهويل الذي سبق الجلسة الماضية لمجلس الوزراء بإمكان أن تكون الاخيرة، سقط مع الدعوة التي وجهها رئيس الحكومة تمام سلام أمس الى الوزراء لعقد جلسة بعد غد الاربعاء بجدول اعمال عادي. لكن الجو المشحون والمتأزم لم يسقط، ولا يزال على حاله، منذرا بجولة جديدة من التصعيد والتشنج.
“كل الامور لا تزال على حالها”. بهذه الجملة تختصر مصادر سياسية مطلعة الوضع العام في البلاد، مضيفة أن أيّاً من الامور الشائكة التي كانت مصدر التشنج والتصعيد لم يحل. فأزمة النفايات تراوح مكانها من دون أي إقتراحات عملية او جدية لمعالجتها، وأزمة آلية العمل الحكومي لا تزال في مربعها الاول من دون أي أفق لخرق يمكن أن يحصل على هذا الصعيد. أما ملف التعيينات العسكرية، ورغم حركة المشاورات التي قام بها نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل على القوى السياسية مستطلعاً آراءها، فلا يزال عالقا عند عقدة تمسك رئيس “التيار الوطني الحر” النائب ميشال عون بتعيين قائد جديد للجيش ورئيس جديد للأركان، رافضاً الاقتراح المتداول في السر كما في العلن حول تمديد ولاية كل من قهوجي وسلمان من خلال تأجيل تسريحهما.
ليس في الافق ما يشي بأن جلسة الاربعاء ستكون مختلفة عن سابقتها، لا شكلا ولا مضموناً. لكن أهم ما فيها أن رئيس الحكومة لم يتراجع عن صلاحياته ولم يخضع للإبتزاز السياسي، فلم يرضخ للضغوط السياسية، ولم يستقل او يعتكف رغم تلويحه بالاستقالة.
لكن في المقابل، لا يزال سلام عاجزا عن كسر حلقة التعطيل المفرغة التي تدور فيها حكومته.
ففي ملف النفايات، لم تحرز الحكومة أي تقدم في معالجة الازمة الناشئة والتي بدأ تفاقمها يهدد البلاد صحيا وبيئيا. وليس إقتراح التصدير الذي يجري درسه حالياً الا دوراناً في الحلقة المفرغة البعيدة كل البعد عن ملامسة الواقع او مقاربته بطريقة علمية وتقنية.
علما أن إنعدام الثقة السائدة راهنا يجعل الشكوك حول روائح صفقات مالية تكون وراء الدفع المستجد ربما نحو إعتماد هذا الخيار نظرا الى كلفته العالية.
وبدا من مآل إدارة ملف النفايات ان هذه الازمة لا تعكس أحد أسوأ مظاهر تراجع الدولة، وإنما مدى قصور الطبقة السياسية الحاكمة في تحمل مسؤولياتها تجاه ناخبيها. فالشعب اللبناني المُطالب بتطبيق واجباته حيال الدولة لناحية دفع الضرائب، ممنوع من الحصول على الحد الادنى من حقوقه في حياة طبيعية وفي بيئة سليمة وصحية وآمنة. والمؤسف أن كل التضحيات التي قدمها اللبنانيون لم تقابل بأي أفق مفتوح لمستقبل آمن وزاهر. فأزمة النفايات التي تدخل اليوم اسبوعها الثالث، لم توضع بعد على سكة الحلّ، إذ إن جمعها ولمّها من بيروت والضاحيتين لا يعنيان انه تم إيجاد اماكن لطمرها، بل يا للأسف يجري تجميعها في أماكن أخرى، وستفوح رائحتها بعد فترة قصيرة ولا سيما في الكرنتينا وعلى جدار المطار.
والمفارقة انه حتى اليوم لا يدرك اللبنانيون سبب هذه الازمة والخلفيات الحقيقية التي تقف وراءها ومسؤولية القوى السياسية فيها، والعوامل التي حالت دون عرض المشكلة للناس ومشاركتهم في مسؤولية معالجتها.
على مقلب التعيينات العسكرية، تستبعد المصادر السياسية ان يتوصل مجلس الوزراء الى قرار في شأن تأجيل تسريح رئيس الاركان. وستكون الجلسة محطة اختبار لما سيكون عليه المناخ السياسي تمهيدا لطرح موضوع تأجيل تسريح قائد الجيش، أو مقدمة له.
اما في شأن آلية العمل الحكومي، فتستبعد المصادر ان يحقق مجلس الوزراء اي تقدم أو أن يتمكن من مقاربة الموضوع، نظرا إلى ضغط الملفات المطروحة، وفي مقدمها مسألة النفايات ورئاسة الاركان في الجيش.