لا تكاد تخلو مناسبة دون أن يُطلق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مواقف رافضة كليًا لأي تمديد لمجلس النوّاب، ومُطمئنة إلى أن لا فراغ مُرتقب على مُستوى السُلطة التشريعيّة. فعلى ماذا يُراهن الرئيس، وهل يستطيع وقف التمديد، ومن سيُؤازره؟
مصادر سياسيّة مُطلعة توقّعت أن تشهد الأيّام القليلة الفاصلة عن جلسة يوم الإثنين في 15 أيّار المُقبل، المزيد من إقتراحات القوانين الإنتخابيّة، ليس من باب المُناورة ورفع العتب كما يحصل من جانب بعض الجهات السياسيّة، وإنّما كخرطوشة أخيرة من قبل «التيّار الوطني الحُرّ» مُمثّلا بوزير الخارجيّة جبران باسيل من جهة، ومن قبل «الثنائي الشيعي» مُمثًلا برئيس مجلس النوّاب نبيه برّي من جهة أخرى. وأوضحت أنّ الوزير باسيل سيُحاول خلال الأيّام المُقبلة الإستجابة أكثر فأكثر لمطالب «تيّار المُستقبل» في ما خصّ إقتراح القانون «التأهيلي» خلال تعديله وتطويره، في محاولة لإنقاذه من السُقوط الكامل، بعد توسّع مروحة مُعارضيه بصيغته الحالية، لتضمّ كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، إضافة إلى مُعارضين آخرين لم يُجاهروا باعتراضاتهم. ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري لا يزال يتّبع نفس الأسلوب الذي تعاطى به إزاء مُختلف القوانين المُقترحة السابقة، لجهة إبداء عدم المُمانعة، لكن من دون التورّط بإعلان المُوافقة الكاملة على أيّ منها! وأضافت المصادر نفسها أنّ رئيس مجلس النوّاب سيُحاول من جهته في خلال الأيّام القليلة المُقبلة، تمرير صيغة جديدة للنسبيّة الكاملة وفق دوائر أضيق مُما كان مُقترحًا في السابق، حيث سيتم رفع العدد من ست إلى عشر دوائر، مع إحتمال تعديل صيغة الصوت التفضيلي لتكون وفق معايير طائفيّة لإرضاء «الثنائي المسيحي».
لكن وبحسب المصادر السياسيّة المُطلعة، فإنّ الأمل بنجاح هذه المُبادرات المُرتقبة ليس كبيرًا ما لم تطرأ تحوّلات في المواقف في الساعات والأيام القليلة المُقبلة، على الرغم من توقّع أن يُمارس «التيار الوطني الحُرّ» و«الثنائي الشيعي» ضُغوطُا عالية، كلّ من جهته لتمرير القانون الذي يدعمه. ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ جلسة 15 أيّار المُقبل ستُعقد، ونصابها القانوني سيُؤمّن، والتصويت لإقتراح التمديد فيها سيتمّ، ولوّ أنّ الفترة التي سيرسو عليها هذا التمديد ستكون عرضة للمُناقشة من جديد في الساعات الأخيرة قُبيل الجلسة، حيث يُرجّح أن يتمّ تقصير مدّة التمديد من سنة كاملة إلى بضعة أشهر، وتحديدًا إلى خمسة أشهر على الأكثر، وذلك لأنّ التخوّف كبير من أن يؤدّي التمديد لسنة كاملة كما جاء في مشروع القانون الذي أعدّه النائب نُقولا فتّوش، إلى دخول القوى السياسيّة كافة من جديد في سبات عميق إزاء الملفّ الإنتخابي، بدلاً من تركه على نار حامية في حال كان التمديد للمجلس قصيرًا. وأضافت المصادر نفسها أنّ رئيس مجلس النوّاب مُصرّ على إتمام التمديد للمجلس قبل نهاية أيّار، لأنّه بحسب المادة 32 من الدُستور اللبناني «يجتمع المجلس في كل سنة في عقدين عاديين، فالعقد الأوّل يبدأ يوم الثلاثاء الذي يلي 15 آذار وتتوالى جلساته حتى نهاية شهر أيّار…». وأوضحت أنّه لن يتمّ تأجيل الجلسة لأنه تُوجد خشية من أنّ ينتهي العقد العادي للمجلس من دون تمديد، فُيصبح الأمر بيد رئيس الجمهورية الذي يُمكنه «بالإتفاق مع رئيس الحكومة أن يدعو مجلس النوّاب إلى عقود إستثنائيّة بمرسوم يُحدّد إفتتاحها وإختتامها وبرنامجها» بحسب المادة 33 من الدُستور. وتابعت المصادر أنّه على الرغم من أنّ المادة نفسها تنصّ أيضًا أنّه «على رئيس الجمهورية دعوة المجلس إلى عقود إستثنائيّة إذا طلبت ذلك الأكثريّة المُطلقة من مجموع أعضائه» فإنّ هذا الخيار غير مضمون النتائج، لذلك لن يتمّ اللجوء إليه.
وأشارت المصادر السياسيّة المُطلعة إلى أنّه في مُطلق الأحوال، من المُتوقّع أن يُبادر رئيس الجمهوريّة إلى إستخدام ما تبقى من سُلطات ممنوحة له في «إتفاق الطائف»، لا سيّما لجهة ردّ قانون التمديد إلى مجلس النواب لدراسته مُجدّدًا والتصويت عليه بأغلبيّة مُطلقة هذه المرّة وليس بأغلبيّة الحُضور، لمُحاولة عرقلة التمديد برمّته، قبل الطعن به أمام المجلس الدُستوري. وأضافت أنّه بموازاة ذلك فإنّ التحرّكات الشعبيّة المُتوقّعة لكل من مُناصري «التيّار الوطني الحُرّ» و«القوات اللبنانيّة» ومُطلق أي جهات حزبيّة أو شعبيّة ستنضمّ إليهما، ستكون بمثابة ورقة ضغط شعبيّة تترافق مع التصعيد المُرتقب للمواقف السياسيّة، لحث مُختلف القوى السياسيّة الحليفة وغير الحليفة إلى التعامل بجدّية أكبر مع الملفّ الإنتخابي. وأضافت المصادر أنّ رئيس الجمهوريّة، الذي يضغط أيضًا لعدم عقد جلسة لمجلس الوزراء ما لم يلمس جدّية في مُعالجة موضوع قانون الإنتخاب وليس إعتراضًا على الرغبة بالتمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لم يقل يومًا أنّ التمديد لن يحصل، بل إنّ التمديد مرفوض، بينما جزم بأنّ الفراغ لن يحصل، مُفسّرة ذلك بأنّه رهان على رضوخ الجميع في نهاية المطاف إلى تسوية وسطيّة تفضي إلى قانون جديد، مع العلم أنّه حتى لوّ تمّ التمديد للمجلس، فإنّ التوصّل إلى قانون إنتخابي جديد سيعني تلقائيًا تحديد مواعيد جديدة للإقتراع وإنهاء الولاية المُمدّدة أكثر من مرّة للمجلس.
وختمت المصادر السياسيّة المُطلعة كلامها بالقول إنّ محاولات عدّة ستحصل قبيل موعد جلسة التمديد، لفرض قانون في «اللحظة الأخيرة» على مُختلف القوى، لكنّ فرص نجاح هذا «السيناريو» ضعيفة، ما يعني حُصول التمديد لا محالة، بغضّ النظر عن الفترة التي سترسو عليها عمليّة التمديد في نهاية المطاف، وبالتالي دُخول البلاد في فترة «شد حبال» عصيبة، بين رافضي التمديد، ورافضي إجراء الإنتخابات النيابية وفق القانون النافذ حاليًا من جهة، ورافضي القوانين الجديدة المُقترحة والتي تُحجّم كتلهم ونفوذهم من جهة أخرى.