يُنقل عن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون قوله:
إنَّ البلد مسروقٌ وليس مكسوراً، إذا دقَّق أيُّ خبيرٍ في هذا القول فإنه سيجده صحيحاً مئة في المئة، مع إضافة أنَّ البلد أصبح مكسوراً عندما سُرِق.
ليس من قطاع في لبنان إلا ونجد فيه هذه الحركة من الهدر والفساد والرشوى، براً وبحراً وجواً، وليس من مرحلة إلا ووجدنا فيها المتخمين من جراء جرف أموال الإلتزامات والتعهدات والمناقصات، ومعظم من دخل جنة السياسة بدت عليهم مظاهر الثراء في وقتٍ لم يكونوا سوى أشخاص عاديين وأقل من عاديين قبل حصولهم على الغطاء السياسي.
ويحار المرء من أين يبدأ، هل يبدأ بالتلزيمات؟
إذا بدأ منها فإن أول ما يخطر في باله ملف تلزيم سجن روميه المركزي، إنَّ الأموال التي رُصِدَت تبخَّر سبعون في المئة منها في جيوب مَن أظهرهم التحقيق وهو في عهدة وزارة الداخلية الصديق نهاد المشنوق، فيما لم يُصرَف سوى ثلاثين في المئة، ما شكّل ما يمكن تسميته فضيحة العصر.
لكنَّ عصراً واحداً لا يكفي لجمع الفضائح، بل نحتاج إلى عصور، لفضائح العصور، فهناك فضيحة ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت، فهل يُعقَل أن تصرف دولةٌ عشرات ملايين الدولارات من أجل حفرِ حوض ثم ترصد ما يفوق عن ال 130 مليون دولار لإعادة ردمه؟
وهل يجوز أن تكون نسبة العمولة في هذا المبلغ أكثر من ثلاثين مليون دولار؟
ومن فضائح العصور كازينو لبنان:
إنه البرتقالة التي لا ينتهي عصرها من الهدر في تلزيمات مواقف السيارات، إلى الريبة في تومبولا لم تكتمل، إلى توظيفات برواتب خيالية من دون أي حضور أو إنتاج، إلى بدل الأتعاب بأرقام هائلة لأعضاء في مجلس الإدارة، فمَن يراقِب؟
ومَن يحاسب؟
ومن فضائح العصور الكهرباء في لبنان:
إهمال صيانة معامل التوليد وعدم تحويلها إلى العمل على الغاز للإستمرار في الإفادة من صفقات الفيول. فحدث ولا حرج بين سعر الطن العالمي وبين السعر المطبق من قِبَل الشركات المستوردة. ولا ندخل في جدل بخصوص الباخرة التركية التي أخذت منا أكثر ما أتحفتنا بالتيار الكهربائي.
ومن فضائح العصور، التلزيمات والتعهدات للطرقات والتزفيت، حيث تُزفَّت الطريق أكثر من مرة فيما المنتفعون معروفون داخل الوزارة.
ومن فضائح العصور النفايات، لدينا في لبنان أغلى نفايات في العالم، وكلفة الطن منها توازي كلفة إستيراد طن من القمح. والمحاصصة علنية.
ومن فضائح العصور رفع الحظر عن البناء في مناطق رسمية، ما جعل الذين سهَّلوا هذه الخطوات التي ألبسوها لباساً قانونياً، يدخلون في جنَّة المنافع من رفع الحظر هذا.
اللائحة تطول، ولكن هل من معالجة؟
هناك ثقافةٌ في لبنان تُشير إلى أنَّ لا محاسبة في لبنان وأن تطبيق القانون وجهة نظر، لكن لا يجوز الإستمرار في هذه الثقافة بل بجب الإستعاضة عنها بتطبيق قانون من أين لك هذا؟
وأكثر من ذلك لماذا لا يوضَع قانون مظاهر الثراء، وعندها يسير القانونان في خطَّيْن متوازيين:
خط من أين لك هذا وخط مظاهر الثراء.
إذاً افتحوا المجال للناس أن يقدموا إخبارات علنية تكفي لاسترداد المليارات المسروقة من جيوب وأفواه المواطنين ومن خزينة الدولة.
ليُفتَح هذا الملف. أليس في هذه الجمهورية رجلٌ يجرؤ على فتح هذا الملف؟
نرى أن العماد عون بما أنَّه وضع الأصبع على الجرح لماذا لا ينفض الغبار عن كتاب الإبراء المستحيل الذي نشره؟
وبالتأكيد سيكون المواطنون أول المتعاونين، مع القضاء، ومَن تبقَّى منه من أيادٍ نظيفة ونفوس كبيرة. وعندها قد تبدأ مرحلة استرداد المسروق وإنهاء مرحلة أن يكون البلد مسروقاً وبالتالي مكسوراً.