IMLebanon

أين محكمة العدل وأين الجنائية الدولية؟

 

 

ماذا تعرف عن كل محكمة؟ ببساطة محكمة العدل الدولية هي التي تحاكم دولاً… اما محكمة الجنائية الدولية فهي التي تحاكم أفراداً.

 

انطلاقاً من ذلك، ومنذ انعقاد محكمة العدل الدولية بتاريخ 2024/1/24، لم يصدر عنها إلاّ توصيات خجولة خلاصتها أن لا تقتلوا، ولكنها لم تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار. وعندما اجتمعت مرّة ثانية طالبت بوقف الهجوم على رفح.

 

وهنا، نطرح السؤال: هل يصعب على قضاة مرموقين ومعروفين دولياً، إثبات حصول إبادة جماعية، علماً ان هذه الحرب تنقل على الهواء مباشرة، وكل الجرائم موثقة؟

 

عند بدء عمل المحكمة كان عدد شهداء غزة بالآلاف، وبالرغم من كل التحذيرات لم تتوقف آلة القتل الاسرائيلية ولو لدقيقة واحدة، بل الملاحظ انه عند صدور أي تحذير يزيد الإجرام والقتل والتنكيل، وكأنّ هذه القرارات تقول لهم اقتلوا بقدر ما تستطيعون من الفلسطينيين.

 

في بداية المحكمة كان عدد الشهداء بالآلاف، واليوم أصبحوا بعشرات الآلاف. فالسؤال: ماذا فعلت المحكمة غير الطلب من إسرائيل اتخاذ تدابير وإعداد تقارير لا تسمن ولا تغني من جوع… فاستمرت الإبادة على “عينك يا عالم”.

 

نستنتج من كل ذلك، انه لو كان لهذه المحكمة وزن أو تأثير لما سمحت لها القوى العظمى بالوجود والعمل، فهي في الحقيقة مجرّد نسخة مصغّرة عن الامم المتحدة وموازين القوى فيها.

 

من ناحية ثانية، ماذا عن المحكمة الجنائية الدولية؟

 

بالفعل اسم هذه المحكمة جميل، وهي تعالج موضوع الجنايات ضد الافراد الذين يقتلون الشعوب. من حيث الاسم، فالاسم عظيم جداً، ولكن من حيث الفعل، للأسف الشديد، فإنّ إسرائيل ومن يقف وراءها من دول عظمى يقول لها افعلي ما تشاءين ونحن على استعداد لحمايتك… طبعاً ليس بهذا الشكل ولكن بهذا المضمون.

 

لنفترض ان الجنائية الدولية مارست دورها وأصدرت مذكرات التوقيف، كما أعلنت، بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، فهل كان رئيس حكومة الاحتلال ليجرؤ على السفر الى الولايات المتحدة عبر أوروبا؟

 

على العكس، فإنّ عدم صدور هذه المذكرات هي دعوة صريحة لنتنياهو للسفر والتنقل بكل اريحية.

 

وبالحديث عن زيارة نتنياهو الاميركية، فهل ستؤدي الى إجباره على وقف الحرب على غزة؟ للأسف الشديد، فإنّ الادارة الاميركية اليوم مشغولة في التحضير للانتخابات الرئاسية على بُعد أشهر قليلة.

 

وكما هو معروف، فإنّ اللوبي اليهودي يلعب دوراً مؤثراً في هذه الانتخابات، بعكس الصوت العربي المبعثر كي لا نقول كلمة أبشع.

 

من هنا، فإنّ الادارة الاميركية لن تبحث مع نتنياهو بإيقاف الحرب على غزة، ولو أرادت، كما نعلم، فإنها تستطيع أن تمارس الضغط بوسيلتين: الأولى، السلاح، خصوصاً ان إسرائيل أصبحت في وضع سيّئ بسبب الخسائر الكبيرة.

 

والوسيلة الثانية، مالية، وهي جداً حيوية بالنسبة الى إسرائيل وأزمتها التي ترجمت مثلاً بإفلاس مرفأ إيلات.

 

ثانياً: شمال إسرائيل والهجرة الى الداخل. وأصبحت هناك ضرورة للحصول على المواد الغذائية والخضار والفاكهة من الخارج، لأنّ المنطقة الشمالية غنية بالزراعة المتنوعة.

 

ثالثاً: لأول مرّة تحارب إسرائيل لفترة طويلة ومن دون وجود أفق لنهايتها، خصوصاً انها المرّة الأولى التي تواجه إسرائيل مقاتلين مثل أبطال “طوفان الأقصى”. وهذه البطولات التي يسطرونها يومياً على كل الجبهات.

 

اما الحديث عن السلام وحل الدولتين، فقد أسقطته إسرائيل بقرار الكنيست الأخير الرافض بالمطلق لقيام دولة فلسطينية، وهذا امتداد لمواقف الحكومات الاسرائيلية المتتالية التي تعتبر ان السلام هو بداية نهايتها. هذه الحكومات تمسكت بمواقفها كونها لم تجد مواقف صارمة من المجتمع الدولي الذي في بعض الاحيان دعم التوجهات الاسرائيلية وأيدها على اعتبار ان ذلك يصب في مصلحتها بطريقة أو أخرى.

 

وبالعودة الى محكمة العدل الدولية، فقد أصدرت أمس قراراً يقضي بأن الاحتلال لأراضي 1967 هو غير شرعي وقانوني. وهنا نسأل: هل سيبقى هذا القرار حبراً على ورق، مثله مثل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لأنّها لم تصدر تحت الفصل السابع ليتمكن المجتمع الدولي من استخدام القوة ضد هذا الاحتلال؟

 

العالم لا يزال ينتظر القرار النهائي لمحكمة العدل الدولية في دعوى جنوب أفريقيا (وانضمت إليها لاحقاً عشرات الدول)، بشأن تأكيد حصول إبادة جماعية في غزة، وهي خطوة أولى لرفع الامر الى مجلس الامن الدولي لاتخاذ قرارات ملزمة ضد “إسرائيل”.

 

أخيراً، بالنسبة الى اقتحام وزير الامن القومي الاسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير أمس باحات المسجد الأقصى المبارك، فقد حصلت تحت حماية الشرطة في خطوة استفزازية في أكثر توقيت سيّئ… يكرّس الاحتلال ويضرب كل القرارات الدولية عرض الحائط.