تراجع الوهج الايجابي الذي أحاط بالمشهد السياسي منذ اقرار قانون الانتخاب الجديد وعادت بسرعة الازمات والسجالات لتخرق حال الانسجام السياسي المترتب عن التسوية النيابية وعن «اللقاء التشاوري» في قصر بعبدا. وتقول أوساط نيابية في كتلة بارزة ان الحكومة تستعيد نشاطها اليوم وسط موجة مستغربة من التوتر مصدرها الملفات الطارئة نوعا ما على جدول الاعمال المعلوم من كل الاطراف وهي مرتبطة بشكل اساسي بملف الامن والخطر الارهابي وملف النزوح السوري. ورأت ان الاجواء الايجابية ما زالت قائمة بين المكونات الحكومية في الوقت الذي تبرز فيه اتجاهات واضحة لدى أطراف سياسية باثارة الخلافات وذلك على الرغم من ان الامن يشكل أولوية لدى الجميع وكذلك النزوح السوري بينما استجد من خارج جدول الاعمال موضوع التعاطي مع الحكومة السورية من اجل تنسيق عودة النازحين الى سوريا.
واذ أقرت الاوساط ان التردد يسيطر على مسألة النزوح وخصوصا ان الضغوط الهائلة التي يرتبها على كل المستويات، باتت تحتم الانخراط في التفتيش عن الحلول المناسبة وفي أقرب فرصة ممكنة، مع العلم ان الاخطار الناجمة عن هذا الواقع تتجاوز اي تأثيرات «سلبية» محتملة نتيجة اقامة حوار مباشر مع النظام السوري لترتيب شؤون عودة النازحين الى المناطق التي لم تعد تشهد عمليات عسكرية.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه المواقف السلبية من كل الاتجاهات نتيجة المستجدات الامنية وحوادث اطلاق النار العشوائي، لاحظت هذه الاوساط ان الخلاف جدي وليس مرتبطا فقط بملف الحوار مع الحكومة السورية، وتوقعت بالتالي ان يؤدي النقاش في على طاولة مجلس الوزراء الى حصول انقسام واضح بين القوى الداعمة لمثل هذا الحوار والقوى الاخرى التي تعتبر ان الامم المتحدة هي الجهة المولجة بايجاد الحلول لازمة النزوح السوري.
وفي حسابات الحكومة فان الاولوية اليوم تتركز في اطلاق عجلة العمل المؤسساتي وبت كل المسائل العالقة وفي مقدمها استئجار البواخر وهو مؤجل من الجلسة الاخيرة ويشكل بحد ذاته لغماً» امام التضامن الحكومي كما أضافت الاوساط النيابية التي وجدت ان الحكومة باتت امام اختبار تحولها الى حكومة انتخابات بعدما أقرت القانون الانتخابي، وانها لم تعد قادرة ولاسباب خارجة عن ارادتها، على تفعيل عملها كما سبق وان تم الاتفاق خلال اللقاء التشاوري في قصر بعبدا. ولذلك فان المسؤولية مضاعفة امام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما امام رئيس الحكومة سعد الحريري، لكي يحثا مجلس الوزراء على العمل بجدية وفاعلية من خلال الية سريعة لوضع الحلول المطلوبة والضرورية لاطلاق العجلة الاقتصادية، وعلى تحييد الحكومة عن الانقسام السياسي الناتج من الاختلاف في النظرة الى الحرب السورية كما من الصراع الاقليمي.
وخلصت الاوساط الى ان الساحة اللبنانية التي نجحت في الصمود رغم النار المشتعلة في سوريا، لا يجب ان تسمح باستدراجها اليوم الى هذا الاتون ولو تحت عناوين متعددة، ذلك ان مرحلة القضاء على «داعش» باتت في لحظاتها الاخيرة وكذلك المواجهات والعمليات العسكرية في سوريا، وبالتالي فمن البديهي الحذر من مخططات اعداء لبنان لتحويل ساحته مساحة لتنفيس الاحتقان في المنطقة وصندوق بريد اقليمي «ساخن».