سواءً أعجبهم أم لم يعجبهم لقد جرّوا الشعب الفلسطيني الى نكبة تهجير ثانية، بدأوا الحرب استدرجونا جميعاُ بعنوان “طوفان الأقصى” وكان الأقصى بريء وبعيد عن غايتهم، عنواهم الآخر “تحرير 7000” أسير، هل كان من الضروري أن تفشل العملية الإيرانية في غزّة وتنتهي بدمارها كليّاً، أليست هذه أكذوبة نصر إلهي ثانية، ألم يتعلّموا من قتل شعوب بأكملها وتهجيرهم ونفيهم من أجل أجندة إيران، ودائماً الأقصى هو العنوان، لماذا؟ لأنّ الخميني سرق هذا العنوان ومعه القدس، ولا تزال إيران حتى اليوم تتاجر بهما مثلما يُتاجر العرب بالقضية المركزيّة فلسطين؟!
تدرّب الشباب بجديّة هائلة ـ ومن قلبهم وربّهم ـ ظنّاً منهم أنّهم ذاهبون لإذلال إسرائيل من أجل الأقصى والقدس، وهذا ما سيحصلون عليه من جنود الجيش الإسرائيلي ولو كانوا بالمئات، تعلّمت إسرائيل من درس أشلاء حزب الله، تعيش غزّة سياسة الأرض المحروقة، وتفعيل إسرائيل بروتوكول هانيبال؟ جندي قتيل أفضل من أسير، هل هذا كان ما يطمح إليه الشباب الذين نفّذوا العمليّة؟ وجدت إسرائيل كبش فداء رئيس الشين بيت تحمّل مسؤولية فشل إسرائيل في مواجهة حماس، ولكن أهل غزّة لا يوجد لديهم مكان يذهبون إليه بسبب عمليّةٍ على طريقة “لو كنتُ أعلم”، أبداً.. نفس الخطأ، نفس المفاجأة، نفس العمليّة الغبيّة التي كلّفتنا دمار كبيراً والقرار 1701 الذي لا يجرؤ حزب الله على الاقتراب منه، نفس الفخّ وقع فيه شباب بسطاء ظنّوا أنّ قياداتهم مخلصة للقضيّة؟!
حتى لو قالوا عنّا عملاء سنقول الحقيقة وهي واحدة في لبنان وغزّة التي تستعد لنكبة 48 جديدة، لقد قدمتم بعملكم لإسرائيل ما كانت وفاتحت به الرئيس الرّاحل محمد حسني مبارك قبل أن يغادر الحكم أن ينتقل فلسطينيي غزة إلى سيناء، “كلّن مليونين”، كان جوابه رحمات الله عليه أنتم تريدون حرباً جديدة معنا؟
والحقيقة الواحدة والوحيد التي علينا أن نتوقف ونتسأل عنها هؤلاء القيادات من خالد مشعل إلى عباس هنية وغيرهم من حماس وهم غالباً خارج غزّة، أمّا الذين فيها فقابعون في الأنفاق، الذي يريد أن يخوض حرباّ مع عدوٍّ غاشم يبني الملاجئ للأطفال والنساء والناس والمستشفيات، حتى لا ينسحقوا تحت الردّم ثم يتاجرون بصورهم الدموية ليحركوا ضمير العالم، من يخطّط لهذا هو بلا ضمير ولا وطنية ولا إنسانية وسيجد مئات الحمير يصدّقون أكاذيبه ويتقدّمون للموت من أجل القضيّة، مات ياسر عرفات وكانت كلّ أموال القضية باسمه وورثتها المليارديرة الصغيرة زهوة إبنته المقيمة في باريس والتي بالكاد تعرف الحديث بالعربية أو تعرف شيئاً عن القضية!
لا يستطيع فلاديمير بوتين تهديدنا أن استمرار الحرب على هذا الشكل سيأخذنا إلى حرب إقليميّة، أتساءل أي إقليميّة؟ هل ستندفع إيران لتنقذ شعب غزة من نكبة إخراجه من أرضة، كلّ قتلى شعب غزّة لا تساوي قطرة من دم فارسي يحمل في جيناته دماء كسرى، من سيحولها إلى إقليميّة؟ حزب الله الذي تحوّل إلى تاجر كبتاغون ليؤمن تمويله بعدما أقفلت إيران ثلاثة أرباع الحنفيّة، ماذا سيقول للبنانيين: دخلنا طوفان الأقصى من أجل إخراج 7000 أسير من السجن لكن سندمر دولتين ونفرغ غزة من سكانها ونرسلهم جنوباً من إسرائيل إلى رفح ليقيموا بضع سنوات في مصر حتى تنتهي إسرائيل من قتل جنود حماس في غزّة، ولكن مهلاً، هذا حدث من قبل لطالما اختبأتم بالمدنيّين، وحصّنتم أنفسك في المغاور والكهوف والأنفاق وتركتم شعوبكم في العراء ويقولون إنّهم مقاومة؟ “يا عمّي المقاومة أوّل شي بتعملوا.. بتخبّي الشعب وبتأمّنلو إحتياجاتو، وبعدها تنصرف لهوبرة الإستشهاد، ويدّعون أنّهم مقاومة، لبنان لا يريد أن يجرّه أحدٌ إلى هذا الفخ، قلنا إنّ حماس استدرجت إسرائيل إلى الفخّ فإذا بها تنقلب العمليّة من إنتصار وهمي إلى نكبة جديدة، وقولوا عنا ما تقولون”.
ميرڤت سيوفي
أعتذر عن الغياب لوعكة صحية حادة لم أبرأ بعد من عوارضها..
يحزّ في نفسي غياب الزميلة الصديقة الغالية جيزيل خوري، رحلت باكراً، عمرٌ قصير حقّقت فيه الكثير، أثار رحيلها في أحزاني غياب نجوى قاسم عن 50 عاماً، وشباب سمير قصير وجبران تويني كأنّه قدر الذين يلمعون ويحققون الكثير أن يرحلوا باكراً، ويواسيني أنّها احتضنت أحفادها وأمضت معهم وقتاً قد يترك لهم ذكريات في الصور، ولكنه سيواسي قلب الأحباء مروان ورنا، رحم الله جيزيل وأسكنها فسحات السموات.