اشتدي أزمة تنفرجي… والأزمة التي خضّت لبنان وتردد صداها في العالم، بدأت ببيان استقالة متلفز أعلنه الرئيس سعد الحريري، وفرجت بمقابلة صحافية متلفزة مع الرئيس الحريري، بعد أسبوع من الآلام. نقول: فرجت ولكن لم تنته. وقد حدث تحوّل ما في مكان ما، نقل الأزمة من احتمالات التفجير الى احتمالات الحلحلة، مع عدم استبعاد امكانية النجاح أو الفشل. وكل ما نشر في الصحافة وجرى بثّه على شاشات التلفزة، محليا وعربيا ودوليا، هو من نوع الروايات التي تحتمل التأويل والمناقشة وبعض الحقيقة وبعض التضخيم… وهي من نوع لا دخان بلا نار. أما النتيجة التي يمكن الخروج بها بين أول أسبوع الآلام ونهايته هي حصول تحوّل مهمّ. أصبح للأزمة سقفان الآن، وقد بدأت بسقف عالٍ ومتصلّب في بيان الاستقالة، وسقف مرن في الاطلالة التلفزيونية بعنوان النأي بالنفس.
لم يعد من المستبعد أن يعود الرئيس الحريري الى لبنان دون مزيد من التأخير، وأن يتوجه الى القصر الجمهوري ويعقد خلوة طويلة مع الرئيس ميشال عون، وان يقدم استقالة حكومته وفقا للأعراف الدستورية المتبعة. وينتهي الفصل الأول من الأزمة على قاعدة لا غالب ولا مغلوب. الاستقالة من جهة في موازنة العودة من جهة ثانية. بعدها يبدأ الفصل الثاني من الأزمة باجراء مفاوضات لا مشاورات حول الخطوة التالية، وتكون الكرة قد انتقلت بذلك الى الملعب اللبناني الداخلي. وعلى الأرجح ان هذه المفاوضات ستكون المرحلة الوسيطة بين العودة واجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة الجديدة. وستتكفل العبقرية اللبنانية المعهودة في التسويات وتدوير الزوايا بايجاد الخارج، التي يبدو للوهلة الأولى انها ستكون طويلة الأمد، إذ لا حلول بين عشيّة وضحاها.
ملاحظات سريعة في جردة الأزمة:
ايجابية خطاب الحريري العائد ستفتح له أبوابا كانت مغلقة أو مواربة.
استرد الحريري في أسبوع واحد من الأزمة ما خسره في طوال السنوات السابقة من شعبية في بيئته الحاضنة وفي خارجها.
الأجواء الشعبية المستجدة ستكون المشجع على اجراء الانتخابات النيابية بشيء أكبر من الطمأنينة خلافا لما كان عليه الأمر في السابق.
خطاب الحريري العلني سيبقى واحدا ولن يتغيّر سواء أكان تحت الضغط، أم كان متمتعا بكامل الحرية والارادة… وما في القلب سيبقى في القلب الى أجل غير مسمّى!