IMLebanon

لن يبقى نازحٌ…

 

لماذا ننظر إلى النصف الفاضي من الكوب؟ فمسألة الإحتلال الديمغرافي السوري أو أزمة النازحين السوريين ( “دوز” أخف) وحّدت اللبنانيين من مرجعيون إلى الهرمل إلى عكار إلى سائر الوطن. ما حدا “معربط” فيهم. حتى جماعة “شكراً سورية” والجمعيات المناهضة للعنصرية البغيضة، بنت عم “الطائفية البغيضة” تريد إعادتهم سالمين آمنين، وربما غانمين، إلى البلد الأم. بلد الأسد للأبد. جميع اللبنانيين ضد الإعادة القسرية. لا عودة بالإكراه أو بقوة القانون لا سمح الله.

 

إجماع على العودة يقابله عجزٌ عن إيجاد آليات الترحيل. نحتفل بمنجزات الأمن العام في إعادة 100 عائلة سورية في وقت تحتفل مئتا عائلة نازحة بولادة 220 طفلاً. نحتفل بقرار بلدي بطرد نازحين من قضاء جبيل أو كسروان، فينتقل المضطهدون إلى منطقة صديقة للبيئة. أو بالأحرى إلى بيئة صديقة. وعلى سيرة البلديات كم يبدو سخيفاً الإعلان عن حظر تجوّل العمال الأجانب من السادسة مساء إلى السادسة صباحاً تحت طائلة المسؤولية، فلو خالفت القرار أثيوبية هيفاء أو مولدافية شقراء، أو لاعب كرة سلة سوداني أو عامل محطة من الإخوة المصاروة أيُحالون إلى المجلس البلدي المنعقد في صورة محكمة عرفية ويُطردون؟ ممّ تستحي البلديات؟ فلتسمّ البلديات المعنيين بجنسياتهم. كل أجنبيات المعاملتين شعرن أن القرارات البلدية تستهدفهنّ في تجوالهنّ وترحالهنّ وحريتهنّ.

 

رغم الإجماع اللبناني على العودة الآمنة، يتطوّع البعض لإيجاد مبرّرات لعدم اتخاذ البروفسّور بشّار أي خطوة لاستعادة مواطنيه ومحازبيه، بحجة أن الموضوع يحتاج إلى تنسيق من دولة إلى دولة. ألا يرتقي التنسيق بين “الحوزب” والنظام السوري إلى مستوى التنسيق بين دولتين وأكثر؟

 

المير طلال، المسند إليه حديثاً منصب مدير التشريفات في صالون مطار رفيق الحريري الدولي، زار بنفسه الشام مراراً وهمّ النازحين همّه. التقى سيادة الرئيس وأثار معه القضية. كما أن وزيريه المفوضين بهذا الملف شرف الدين والغريب أعدّا خطط استعادة النازحين وناقشاها مراراً مع المسؤولين السوريين والوزير هيكتور حجّار، نازل بثقله النوعي لمعالجة الملف. أليسوا، ومعهم اللواء ابراهيم، ممثلين للدولة؟

 

كثيرون يتلطّون، لتبرير تبعيتهم وعجزهم، وراء أكذوبة أن المجتمع الدولي يغري النازحين السوريين بمساعدات مالية تطمئنهم إلى مستقبلهم في لبنان، ولو في خيم مكيّفة. تُرى لو أوقفت المفوضية العليا لشؤون النازحين “دولاراتها” الطازجة بشكل كامل هل سيكون الدكتور بشار واقفاً على العبودية فاتحاً يديه لاستقبال قوافل الراجعين؟

 

حتماً لا. ما أتوقّعه وأستشعره كشاعر بهول المصيبة، أن بمرور الزمن سترفع جمعيات حقوق الإنسان وتلك المناهضة للعنصرية لافتات موحّدة: “لن يبقى نازحٌ على أرض لبنان…”.