Site icon IMLebanon

موجة نزوح سورية جديدة… والأجهزة متخوّفة والحدود مشرّعة

 

يأتي ملف النازحين السوريين ضمن الملفات الوجودية التي تطال كل لبناني، ولا يوجد في الأفق أي إشارات تدل الى قرب حلّ هذا الملف، والجديد في الموضوع هو استعداد لبنان لتلقي موجات هجرة جديدة آتية من سوريا.

 

يطرح بعض القوى السياسية مسألة حلّ أزمة النازحين السوريين، ويؤكّد إمكانية الحلّ، ومن هذه القوى كل من «حزب الله» و»التيار الوطني الحرّ». لكن الهدف الأساسي من طرح الموضوع هو الإستثمار السياسي ومحاولة تعويم نظام الرئيس بشار الأسد.

 

ولو كانت هناك نوايا صافية، لاستطاع «حزب الله» حلّ مسألة نازحي القلمون والبلدات المجاورة وهؤلاء يقطنون ما بين عرسال وبعلبك وتهجّروا بعدما احتل «الحزب» المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية – السورية، فـ»دفشهم» الى لبنان وتسبب بموجة نزوح كبيرة. وبالنسبة إلى «التيار الوطني الحرّ»، فقد كان الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون على أتم وفاق مع الأسد لدرجة أنّ الأسد فضّله عام 2016 على رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، فلماذا لم يُعِد عون النازحين عندما كان رئيساً للجمهورية؟

 

ومن جهة ثانية، لا توجد إشارات إيجابية من الدول الغربية توحي بحل قريب لأزمة النزوح، بل تسعى أوروبا والمنظمات الدولية التي تستبيح سيادة لبنان وتساعد السوريين على حساب اللبناني لتوطين النازحين، وهذا الأمر ظهر بوضوح من خلال ملف التربية والمساعدات التي تغدقها «الأمم» على النازحين للبقاء في لبنان.

 

وإذا كانت الموجات الأولى من النزوح تحت مسمى الأمن والحرب، يشهد لبنان موجة نزوح إلى ربوعه تحت عنوان الأزمة الاقتصادية في سوريا، فمع رفع الدعم وإنهيار الليرة السورية والتظاهرات التي تخرج من جديد في سوريا مطالبة باسقاط النظام التي انطلقت شرارتها من السويداء، هناك من يرى في لبنان رئة يتنفس منها إقتصادياً.

 

وفي التفاصيل، تشير مصادر أمنية لـ»نداء الوطن» الى أنّ تدهور الوضع الإقتصادي في سوريا إنعكس بشكل سريع ولافت نزوحاً إلى لبنان، «فالمواطن السوري يستسهل العبور إلى لبنان، خصوصاً أنه يعرف طبيعة البلد ويتكلم لغتها، ولديه أقارب وهناك من أسس مصالح على حساب مصالح اللبنانيين».

 

وتؤكّد المصادر أنّ هناك هجرة غير شرعية تشهدها الحدود اللبنانية السورية، نشطت منذ أسبوعين تقريباً وتديرها شبكات منظّمة تحاول الأجهزة الأمنية القبض عليها، وتتركّز هذه الهجرة عند الحدود الشرقية في شبعا وصولاً إلى المعابر التي لا تستطيع الأجهزة تغطيتها. وتكشف التحقيقات عن امتداد تلك الشبكات ووجود عناصر لها داخل لبنان وليس فقط في سوريا، ولا يقتصر عملها على السلسلة الشرقية، بل يشمل الحدود الشمالية في وادي خالد.

 

ويحاول الجيش اللبناني قدر الإمكان الحدّ من خطر هذه الموجة من النزوح، لكن على رغم محاولاته تغطية السلسلة الشرقية، إلا أن الإمكانات والحالة الإقتصادية والنقص في العناصر تبقي بعض الممرات مفتوحة، لذلك ينتقل العمل إلى الداخل حيث تتمّ مراقبة مخيمات النازحين ومناطق تجمعهم.

 

لا يستطيع الجيش اللبناني وحده ضبط الحدود وتنفيذ المهمات في الداخل، لذلك يتطلّب هذا الملف تضافر جهود كل الأجهزة الأمنية وملاحقة كل من يدخل لبنان خلسة، وكدليل على طرق الخطر أبواب لبنان والتأكّد من أن موجة النزوح الحالية ضربت الأراضي اللبنانية قيام وحدات من الجيش الأسبوع الماضي باحباط تسلل أكثر من 700 سوري إلى الأراضي اللبنانية، والمحاولات مستمرة.

 

لا تستطيع الأجهزة الأمنية التقليل من خطر موجة النزوح الحالية التي قد يكون عديدها تخطى الآلاف، فقد تبدأ ببضع آلاف لتصل إلى عشرات ومئات الآلاف وسط ضعف الدولة اللبنانية، وسبق النزوح البشري غزوة المنتجات السورية للأسواق اللبنانية بعد انهيار الليرة هناك، ما ضرب الإنتاج اللبناني وسط غياب فاضح للدولة.

 

لا تنفع المعالجات الأمنية وحدها في هكذا حالات، بل تحتاج إلى معالجات سياسية أيضاً، لأنّ عودة الساحة السورية إلى الإنفجار ستسمح للنظام السوري بتصدير أزمته الإقتصادية والسياسية والأمنية إلى ربوع لبنان، والوضع اللبناني اليوم مختلف تماماً عن 2011.