ما بين تفلّت سعر الدولار في السوق السوداء وبدء تسعير البضائع بزيادة رسم 3 في المئة على السلع المستوردة، إرتفعت الأسعار حتى 5 في المئة، وهي مرشّحة الى مزيد من الارتفاع مع احتمال بدء فقدان بعض السلع الاستهلاكية من السوق عمّا قريب.
إذا كان سعر صرف الدولار في السوق السوداء تخطّى الـ 1560 ليرة، فإنّ التجار لن يتكبّدوا وحدهم هذه الخسارة وسيشارك المستهلك قسرياً بتحمّل هذه الزيادة. وتنتظر المستهلك زيادات على الاسعار الى جانب زيادة رسم الـ3% على الواردات التي بدأ العمل بها أخيراً؟
يقول رئيس جمعية اصحاب السوبرماركت نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان نبيل فهد إنّ الأسعار بدأت تتغيّر منذ نحو اسبوعين نتيجة الاستيراد الجديد للتجار والذي بات يخضع لرسم الـ3%، أي أنّ كل البضائع التي وصلت الى السوق أخيراً تمّ تسعيرُها بزيادة تتراوح ما بين 3 الى 5 في المئة، وذلك باختلاف السلع. فالسلع التي تشهد منافسةً قوية لم تتخطَّ الزيادة عليها نسبة الـ3 في المئة، أما بقية السلع الى جانب السلع التي تخضع للضريبة على القيمة المضافة فوصلت الزيادة فيها الى مستوى الـ5 في المئة.
وأوضح فهد أنّ السلع التي لا تخضع للضريبة على القيمة المضافة لم تلحقها زيادة رسم الـ3% فبقيت الأسعار على حالها مثل أسعار الرز والسكر والحبوب.
أما بالنسبة الى أزمة الدولار في السوق، فأكد فهد أنه حتى الساعة لم يتأثر التجار بهذه الأزمة بشكل مباشر لأنّ المصارف لم تمتنع بعد عن تأمين الاموال لغالبية الشركات المستوردة، لكنه لفت الى أنه منذ نحو عشرة ايام بدأت الأزمة تتفاعل أكثر وبدأنا نشعر بها من خلال التحويل من العملة اللبنانية الى الدولار، أما اذا طالت الأزمة فلا شك أنّ التجار سيتأثرون.
لكنه أكد أن ليس في مقدور التجار اليوم رفع الاسعار نتيجة هذه الأزمة بسبب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بشكل ملحوظ، وبالتالي تكفيهم زيادة رسم 3 في المئة على الواردات.
لكن في ظلّ هذا الوضع، توقّع فهد فقدان بعض السلع الأساسية من الاسواق في الاسبوعين المقبلين إذا ما استمرت أزمة شحّ الدولار.
وكشف انّ مستوردي الحبوب والسكر بدأوا بمطالبة التجار دفع الفواتير بالدولار، علماً أنّ المتاجر تستوفي من المستهلكين بالعملة اللبنانية، وبالتالي إذا توقفت المصارف عن توفير الدولار للتجار على غرار ما يحصل مع بعض القطاعات مثل قطاع المحروقات لن يكون في مقدورنا أن ندفع فواتير السلع المستوردة، لذا ستنفد هذه السلع من السوق، لافتاً الى انّ غالبية السلع الاساسية مستوردة ولا تصنَّع في لبنان حتى السكر يتم استيرادُه من الخارج وتكريرُه في لبنان.
ورداً على سؤال، أوضح فهد أنه في حال عدم توفر الدولار في المصارف للتجار سيضطر التجار للذهاب الى الصيارفة للحصول على الدولار بسعر السوق السوداء أي 1560 و1600 ليرة، فهذا يعني انّ اسعار السلع ستزيد ما بين 3 الى 4 في المئة. لكننا نأمل ألّا نصل الى هذه المرحلة لأنه عندها ستنفد السلع الاساسية ذات الاستهلاك السريع من السوق، خصوصاً تلك التي يرتفع الطلب عليها كثيراً مثل السكر والرز…
وأسف فهد لأنّ هذه الاوضاع اليوم تذكّرنا بتسلسل الأحداث التي حصلت في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات والتي بدأت بتدهور الليرة الى فقدان الدولار، تبعه فقدان بعض المنتجات الأساسية من السوق…
برو
من جهته، أعلن رئيس جمعية المستهلك زهير برو أنّ المؤشرات الى أزمة الدولار ظهرت مع ارتفاع أسعار بطاقات الخلوي المسبقة الدفع في عدد كبير من المتاجر، عاينتها جمعية المستهلك بحيث كانت تبيع هذه البطاقات على أساس سعر صرف الدولار بـ 1560 ليرة. اضف الى ذلك، الأزمة التي يعاني منها أصحاب محطات المحروقات ومستوردو النفط، واخيراً تكشّفت أزمة شراء القمح من الخارج والتي تبشّر بأزمة خبز إذا لم تعالج.
ولفت برو الى أنّ هذه الاوضاع خلقت حالةً من الجشع عند بعض التجار وأشاعت الخوف وقلة الثقة لدى المستهلك الامر الذي دفعه الى سحب أمواله من المصارف ووضعها في المنزل.
واعتبر برو انّ هذه الأزمة هي صنيعة النظام الاقتصادي اللبناني القائم الى جانب جشع التجار والمخاوف المبرَّرة احياناً للمستهلكين، لذا برأيي يجب محاصرة الدولرة بالاقتصاد اللبناني على أن تتمّ المبادلات التجارية تحت إشراف الدولة.
اما عن تأثير رسم الـ3 في المئة على السلع المستوردة فقال: إنّ تأثير هذا الرسم على السلع يبدأ بالظهور بعد حوالى 3 اشهر على البدء بتطبيقه، وبالتالي لا أرقام لدينا بعد عن الزيادات التي حصلت في السوق مع العلم انّ هناك تراجعاً هائلاً ومخيفاً اليوم في حجم الاستهلاك، ولا شك انّ هذا الرسم سيزيد من نسبة التضخم في الأسعار.