Site icon IMLebanon

أزمة قانون الانتخابات تضغط على المؤسسات ولا تستثني أحداً

أزمة قانون الانتخابات تضغط على المؤسسات ولا تستثني أحداً

المطلوب تنازلات متبادلة والبديل أزمات متجدّدة إن كان في حال التمديد أو الفراغ

المواقف من مشروع قانون الانتخابات لأي طرف كان باتت معروفة ولا تحتاج  إلى أي إيضاح أو استفسار

بعدما استنفد البحث والتشاور في مشروع قانون الانتخابات الموعود فائضاً من الوقت لم يستهلكه أي قانون مماثل من قبل وبات تصنيفه حالياً بمثابة الأزمة السياسية التي باتت تلقي بظلالها على انطلاقة الدولة ككل، وباتت تعيق إطلاق المشاريع الحيوية والضرورية التي يحتاجها المواطنون على مستوى البلد كلّه ولا سيما مسألة إعادة تنشيط الدورة الاقتصادية التي تتطلب حداً أدنى من التفاهم السياسي بين الاطراف المعنيين، لم يعد ممكناً تقطيع مزيد من الوقت في «الجدل البيزنطي» والدوران في الحلقة المفرغة نفسها، شروط من هنا وشروط مضادة من هناك، وأصبحت المهل المتبقية قصيرة جداً وضاغطة على الجميع لاستغلالها من أجل التوصّل إلى اتفاق بين كل الأطراف تجنباً للتمديد للمجلس النيابي قسراً بمعزل عن تأييد المتشبثين بصيغة طائفية تعيد لبنان عشرات السنين إلى الوراء تحت شعارات شعبوية فضفاضة، أو الدخول في متاهة الفراغ الذي يطيح بكل مؤسسات الدولة ولن ينجو معه أي طرف مهما كبر حجمه وشأنه. وفي كلتا الحالتين، التمديد قسراً للمجلس النيابي لتفادي الآثار والانعكاسات السلبية للفراغ أو الدخول في الفراغ، يعني باختصار دخول لبنان في أزمة سياسية شديدة التعقيد والضرر لا يمكن التكهن بنتائجها وتأثيرها على البلد كلّه في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة واتجاهات الدول الكبرى لإعادة رسم خريطة المنطقة من جديد وتقسيم لدول مجاورة للبنان باتت مؤشراته ظاهرة للعيان أكثر من أي وقت سابق.

فالمواقف من مشروع قانون الانتخابات لأي طرف كان باتت معروفة ولا تحتاج إلى أي إيضاح أو استفسار لأنها تكررت مرات عدّة في الاجتماعات التشاورية وعلى صفحات الصحف ووسائل الإعلام، وأصبح التشبث فيها هكذا حتى النهاية من أي طرف كان تحت شعار «إما ان تقبلوها هكذا كما هي أو بلاها»، يعني حكماً انه لا يريد التوصّل إلى إنجاز قانون انتخابي توافقي يرضي الجميع، وبالتالي يدفع بالبلد إلى أزمة أشدّ وطأة وأكثر ضرراً غير آبه بمصير البلد ككل.

كذلك لم تعد الوعود التي تبشر بقرب الاتفاق على مشروع القانون العتيد مقنعة للناس وإن كانت الغاية منها سليمة ولإعطاء الأمل في زمن انعدامه بفعل سوء الأداء السياسي لبعض المسؤولين.

وهكذا لم يعد التهرب من تقديم تنازلات من هذا الطرف أو ذاك مفيداً، بل أصبح التنازل مطلوباً أكثر من أي وقت سابق في سبيل التقدم نحو تحقيق الحد المقبول من المطالب وفي الوقت نفسه تبديد الهواجس والقلق الذي يتذرع به بعض الاطراف.

ومن خلال ذلك يمكن التوصل الى قانون توافقي يشكل مخرجاً من الازمة الحالية، ويؤسس لمرحلة سياسية جديدة، وإلا يبقى خيار اعتماد قانون الستين النافذ حالياً، خيارا قائما بحد ذاته ويمكن اجراء الانتخابات النيابية على اساسه شرّاً لا بد منه لإخراج البلاد من الازمة السياسية التي تتخبط فيها حاليا بالرغم من كل المواقف السياسية التي جاهرت علناً برفض هذا القانون وتبرأت منه، في الوقت الذي كان البعض يحبذ اعتماده خلافا لكل الخيارات الاخرى لانه كما يقول هؤلاء في مجالسهم الخاصة بأنه «اهون الشرين» في ضوء ما يحصل حاليا من تجاذبات حادة بخصوص قانون الانتخاب.

الأهم من كل ذلك فإن استمرار الازمة على الشكل السائد حاليا وتعذر التوصل الى تفاهم سياسي مرتكز على قناعة حقيقية بقبول التوصل الى اتفاق حول قانون انتخابات جديد، لن يؤدي فقط الى فشل حكومة الوحدة الوطنية كما قال رئيسها سعد الحريري اكثر من مرة علنا، بل سيتعداها الى فرملة انطلاقة عهد رئيس الجمهورية ميشال عون ايضا.

لذلك، فان نجاح المشاورات الجارية حاليا للتوصل الى اتفاق حول قانون الانتخابات المرتقب تصب في صالح العهد والحكومة وكل الاطراف السياسيين على حد سواء، واستمرار الازمة على حالها لن يكون في صالح احد اطلاقا.

ومن هنا يترقب الوسط السياسي خطوات ومواقف جديدة من كبار المسؤولين تهدف لتقريب وجهات النظر وتضييق شقة الخلافات بين كافة الاطراف والسعي قدر الامكان لتجاوز الشروط والمطالب غير القابلة للصرف في هذا المشروع او ذاك على امل التوصل الى قواسم مشتركة تكون ركيزة القانون الانتخابي الجديد، وهذا ما يسعى اليه رئيس الحكومة في حركته المكوكية بين الرئاستين الاولى والثانية ومع كل الاطراف، لان الوقت القصير المتبقي لم يعد يسمح بمزيد من تضييع هذه الفرصة الاخيرة والكل يتحمل المسؤولية في حال بقي كل واحد على موقفه، ومصراً على مشروعه ومطالبه، وهذا يعني استمرار الازمة بكل تداعياتها واضرارها وانعكاساتها السلبية.