Site icon IMLebanon

مأزق التماسيح مع… الرؤساء عون وبري والحريري!

 

 

عرف لبنان نوعين من الشغور الرئاسي: الأول، هو تعذر انتخاب رئيس الجمهورية لفترة مريرة من الزمن، لم تنته إلاّ منذ نحو عام واحد أو أقل. والثاني، هو شغور رئاسي غريب في نوعه، وتمثل بوجود فراغ في سدّة الرئاسة وهيبتها في العهد السابق، حتى مع وجود رئيس للجمهورية في قصر بعبدا… وهو بدأ عهده صامتا فقلّت هيبته، ثم حاول تعويض ما فاته بكثرة كلام هو أقرب الى الثرثرة، أو أقرب ما يكون الى الخطاب الخشبي! واليوم، في قصر بعبدا رئيس للجمهورية يبيض الوجه أينما ذهب في زياراته الخارجية، ويفرض احترام لبنان على من يلتقيهم من قادة العالم، ومع ذلك فهناك من يحاول في الداخل اللبناني تلطيخ وجه هذه القامة الشامخة بفكرها الوطني والقومي والانساني، ولكنه يعجز عن ذلك، لأنه من فئة قصار القامة في هذا الميدان بالذات! والقامة معنوية لا جسدية!

***

اليوم، هناك من يتباكى ويذرف دموع التماسيح على علاقة متوترة مزعومة بين الرئاستين الأولى والثانية. وهؤلاء هم من فئة وجدت قوسا من القش في التباين بوجهات النظر حول بعض الملفات – كما يحدث في السياسة دائما – فحاولت النفخ فيه وتلوينه، وتحويله الى قوس قزح صدامي من الخلافات، يمتدّ على مدى الكون من القطب الى القطب! وحتى لو صحّت نظرية فقدان الكيمياء على الصعيد الشخصي بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، فانها تبقى لدى كل منهما تحت الحجر والسيطرة، وتبقى مكبوحة برادع الحكمة والعمق الوطني والقومي، والذي يرجح المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبار آخر، مهما كان نوعه وصفته! وبرهنت المبادرات المتبادلة بين الرئيسين، بما تنطوي عليه من ترفّع وسمو، على ذلك، منذ الانتخاب الرئاسي والى اليوم.

***

تماسيح السياسة يسكبون الدمع اليوم مدرارا أكثر من أي يوم مضى، على الدعامة الرئاسية الثالثة في سيبة الحكم، ممثلة بالرئيس سعد الحريري! وبعدما أثبت الرئيس الحريري انه كان الألق الآخر للبنان بعد الرئيس عون، في زياراته الخارجية، فانه يواجه اليوم في الداخل اللبناني حملة مصطنعة تحاول المسّ بهيبته كرئيس للحكومة، وبهيبة الرئاسة الثانية أيضا! والأغرب من كل ذلك هو أن الحملة تأتي من داخل بيت رئيس الحكومة، ومن بعض الانتهازيين الماكرين الذين يزعمون انهم أقرب الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونهجه، من حامل الراية من بعده الرئيس سعد الحريري! والمفارقة الصادمة ان هؤلاء الذين كانوا نكرات، وكانوا أكثر من سمنوا وانعلفوا بأكل لحم أكتاف الحريري الأب، هم اليوم الأكثر عداء ومكرا وغدرا بالحريري الإبن، بعضهم في العلن، وأخطرهم بالدهاء ونصب المكائد بالسرّ!

***

هؤلاء التماسيح الذين اعتادوا في السابق كسب غذائهم، ورزقهم من الحفر عميقا بين الرئاسات والطوائف وزعزعة النسيج الوطني، هالهم ان يروا الرئيس سعد الحريري يتخطى ذاته ويبلغ ذروة قوته بنهجه القائم على سياسة استعادة الثقة بمواقفه الجريئة والشجاعة التي ترسخ التماسك الوطني والتلاحم بين الرئاسات، فزعموا ان سعد الحريري هو اليوم في ذروة ضعفه، بينما هو في الواقع في ذروة قوته. وستثبت الانتخابات النيابية المقبلة ان سعد الحريري هو الأقرب الى وجدان العائلة الروحية التي ينتمي اليها، والى الأسرة اللبنانية بمختلف حساسياتها ككل!