Site icon IMLebanon

صلبونا كما صلبوك

 

 

يا فاتحَ القدسِ خـلِّ السيفَ ناحيةً ليسَ الصليبُ حديداً كانَ بَـلْ خشَبا
إذا رأيتَ إلى أيـنَ انتهَـتْ يـدُهُ وكيفَ جـاوَزَ في سلطانِـهِ القُطُباَ
علمتَ أنَّ وراءَ الضعـفِ مقـدِرَةً وأنَّ للحـقِّ لا للقّـوةِ الغـلَبـا (أحمد شوقي)

يـوم كان الصليب خشباً كان وراء الضعفِ مقْـدرِةً إلهيَّـة…

وحين أصبح الصليب سيفاً أصبح وراء الحـقّ شيطان.

هـوَ صُلبَ، تجـرّع المـرَّ والخـلّ على طريق الجلجة، مـات وقـام بنعمة أبيهِ الذي في السماوات، ونحن نُصلَـبُ ونموت كـلّ يـوم بنعمة أبينا الذي في الأرض… ولا قيامة.

الأرضُ هيَ هيَ، تضـجّ بالمآثـم والمآتـم، يشيطنها الجهنميّون: نـارٌ، دمـاءٌ خيانـة وجنون، وفي الأيدي بعضٌ من فضَّـةِ يوضاس.

أخافَهُمْ فقتلوه: هو الأديب فريـد سلمان يُهدي كتابه: “قيامـة السامية” إلى يسوع إبـن مريم ويقول: “لأنّـك أخفتَهُـمْ قُتِلتَ على الصليب فمـتَّ وحيداً أنتَ والحـقّ”.

لأنك أنت “الحـقّ والطريق والحياة”(1) قتلوك، وأنت من قـال: “إنّ العالم يبغضني وأنا أشهد عليه أنّ أعماله شريرة”(2)..” فإذا الحـقّ يصبح ضحيّـة الأعمال الشريرة في الأرض، وضحيّةَ اغتيالٍ في “أورشليم قاتلةِ الأنبياء وراجمة المرسلين إليها”(3)..

“مَـنْ أراد منكم أنْ يأتي ورائي فليحمل صليبه ويتبعني(4)…

أيَّ صليبٍ حملوا وبـهِ اتبعوك..؟ حملوه سيفاً من حديدٍ ومن نـارٍ يقاتلون بـهِ ويتقاتلون، حملوه صليباً معكوفاً في الهيكل مع تجـار البقَـر والغنم والصيارفة، في ظـلّ هيرودس ملك الفساد الأكبر.

وأنت عندما استلّ بطرس سيفـه وقطـعَ بـهِ أذنَ عبـد رئيس الكهنة، أبرأْتَ أذنَ العبـد وقلت: مـنْ أَخَـذ بالسيف فبالسيف يُـؤخذ(5)”.. وهـمْ يقطعون بالسيف آذانهم كعبيدٍ لرئيس الكهنة في مغارة اللصوص.

الخطيئة المسيحية تُغتفَـر بالتوبـة، “برتيماوس” الأعمى عندما نادى المسيح طالباً التوبـة: يا ابـن داود إِرحمني: فتـح المسيح عينيه(6).

وبطرس الذي أنكـر المسيح ثلاث مرات، عندما بكـى ندمـاً حتى تقرَّحتْ وجنتاه، جعله المسيح رأس الكنيسة.

والذين ارتكبوا الأخطاء والمعاصي ولم يتوبـوا، ظـلّوا عمياناً، وجعلوا الكنيسة بلا رأس.

يقول جبران خليل جبران: “مئـة سنـة يلتقي يسوع الناصري بيسوع النصارى ولا يتفقان(7).

والنبي محمد قـال: “يبعث اللـه على رأس كل مئـة عـام مَـنْ يجـدّد لهذه الأمَّـة أمـرَ دينها..”(8)

مئـة سنـة بعـد مئـة، والإنسانية المعذّبـة في الأرض تنتظر رسولاً سماوياً ينقذها مـن بطش السلاطين والأباطرة والملوك وما ارتوت غرائز السلطة المتوحّشة فيهم من الـدم البـريء.

المسيحيون ينتظرون المسيح في مجيئـه الثاني، والشيعة يتوقّعـون مجـيء الإمـام المهدي المنتظر يأتي إلى الأرض الممتلئة بالظلم والجـور ليبسط فيها العدل، والبوذيّـون ما زالـوا يترقبَّون ظهور بـوذا آخـر لينقذ العالم مما فيـه من بـؤس وآلام.

أيّها المرسلون: الأرض تلتهب بالذبائح فماذا نتنظرون.