في العام 1920، عند اعلان لبنان الكبير، وفي العام 1943، عند اعلان الميثاق الوطني، على يد رجلين تاريخيين، هما بشارة الخوري ورياض الصلح، كان المسيحيون اكثرية طاغية في لبنان، وكانوا يعيشون بأمان وسلام وتعاون مع شركائهم في الوطن، خصوصاً عندما كانت السلطة في سوريا، بيد رئىس الجمهورية شكري القوتلي، ورئىس الحكومة فارس الخوري، لكن في العام 1952، وفي عهد حكومة خالد العظم، انكشفت حقيقة الاطماع في لبنان المزدهر، والخلفية الدائمة عند العديد من المسؤولين السوريين، بأن لبنان جزء من سوريا، وان الدولة اللبنانية، خطأ تاريخي، عندما أقفل العظم الحدود مع لبنان محاولاً خنقه اقتصادياً، ولأن الرئىس كميل شمعون يومذاك، قاوم الضغوط السورية اولاً، والمصرية لاحقاً، بعد قيام وحدة مصر وسوريا، عوقب شمعون ولبنان باثارة احداث دموية في العام 1958، ولم يطل الوقت لقيام محاولة انقلاب في اوائل الستينات، قام بها الحزب السوري القومي للاطاحة بالرئىس اللواء فؤاد شهاب، وبداية التحرك الفلسطيني في المخيّمات وخارجها، انفجر احداثاً دامية في العام 1969، احبطها الجيش اللبناني، لكن شرارة تخريب لبنان انفجرت بقوّة في العام 1973، واتسعت في العام 1975، وكانت نهاية روح الميثاق الوطني والصيغة اللبنانية وبداية تدهور التوازن الديموغرافي بين المسيحيين والمسلمين، وصولاً الى الواقع الأليم اليوم.
******
على اللبنانيين، ان يعرفوا، أن النظام البرلماني الديموقراطي الذي كان يحكم لبنان قبل اتفاق الطائف، قد مات وانتهى، وبقي منه الاسم فحسب، وعلى المسيحيين والدروز، قبل غيرهم من الطوائف والمذاهب الاخرى، ان يعرفوا، انه يجب عليهم ان يفتشوا ويضغطوا من اجل نظام يحميهم من سيطرة الاكثرية، ومن الضغوط السورية المتجددة، لأن النظام الحالي القائم على التعطيل الدائم، سيدفع بهم اما الى الهجرة، أو الى المقاومة غير المتكافئة، وبالتالي، يبقى تنفيذ اللامركزية الادارية الموسّعة، هو الحلّ المتاح حالياً، لأن البرهان على سوء نيّة الاكثرية النيابية الحالية، انها شاركت الاكثرية النيابية في عامي 2005 و2009، وكانت هي اقليّة، ولكنها اليوم تمهّد لحكم اكثري، تدلّ مظاهره منذ اليوم انه سوف يكون حكماً قمعياً.
قد يكون مستحيلاً، تشكيل الحكومة كما يرغب الرئيس المكلّف وكما ينص عليه الدستور، لأن العقبات الداخلية تشابكت مع الخارجية، خصوصاً تلك المتعلقة بالعقوبات على ايران وحزب الله، وما سوف يصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وما سوف يستجدّ في سوريا، والنظام الحالي بما افرزه من قوى جديدة، أعجز من ان يستطيع ايجاد الحلول.