IMLebanon

لعنة الفراغ اللبناني تحت المظلة الخارجية

ليس من المتوقع، وان كان محل أسئلة جدية، تغيير قواعد اللعبة بين حزب الله والعدو الاسرائيلي، فالمتغيرات على جبهة الجولان تبقى محكومة بموازين الردع المتبادل وضوابط القرار ١٧٠١. والحسابات الواقعية المتعلقة باللعبة الكبيرة في المنطقة تتقدم على أية قراءة سريعة في الوقائع العسكرية الأخيرة التي أريد لها أن تظل غامضة. فضلاً عن أن عودة الصراع العربي – الاسرائيلي الى واجهة الاهتمامات دونها انشغال الجميع بقضايا عدة.

لكن الصراع الجيوسياسي في الشرق الأوسط وعليه يقود الى تغيير اللعبة نفسها، لا مجرد قواعدها. وهو صراع ليس كله عسكرياً، ولا محصوراً بين طرفين ومشروعين اقليميين ودوليين، بعد دخول داعش والخلافة وجبهة النصرة ومعها أنصار الشريعة كفرعين لتنظيم القاعدة على الخط. لا فقط كتنظيمات ارهابية بل أيضاً كقوى تسيطر على مدن وتتحكم بالسكان في سوريا والعراق واليمن وليبيا وسواها. واذا كانت حرب سوريا وحرب العراق وحرب اليمن وحرب ليبيا تشكّل الجانب العسكري في اللعبة الجيوسياسية، فان الجانب الاستراتيجي فيها يمثله التفاهم الأميركي – الايراني. وهو تفاهم يتجاوز الاتفاق على الملف النووي بين طهران ومجموعة ٥١ الى البحث في النظام الاقليمي وتوزيع الحصص والأدوار فيه.

ولبنان ليس خارج الصراع الجيوسياسي، وإن كان يحافظ على حد أدنى من الاستقرار وحد مقبول من الأمن، وسط البراكين المشتعلة في جواره. فهو منقسم حول حرب سوريا، كما حول حرب العراق وأخيراً حول حرب اليمن. لا بل منقسم حتى حول تركيا وما فعلته السلطنة كما كشفت المواقف من احتفالات الذكرى المئوية للإبادة التي ارتكبتها السلطنة في حق مليون ونصف مليون ارمني في العام ١٩١٥. فضلاً عن ان حزب الله مشارك في حرب سوريا. وفضلاً ايضا عن ان حرب اليمن تبدو كأنها حرب في بيروت من خلال المواقف الحادة لحلفاء ايران ضد السعودية والمواقف الحادة لحلفاء السعودية ضد ايران، وعبر ما يشبه التماثل بين حزب الله وأنصار الله الحوثيين.

لكن الاطمئنان الى المظلة الاقليمية والدولية فوق لبنان ليس مبرراً لممارسة اللامبالاة حيال الحاجة الى الحد الادنى من الانتظام السياسي. فالمصالح الاقليمية والدولية المتصادمة تقاطعت على الحاجة الى بقاء لبنان هادئاً نسبياً لخدمة بعض ما تحتاجه كل قوة. ولن يستطيع لبنان الاستمرار في لعب هذا الدور من دون ان تتحمل التركيبة السياسية مسؤولياتها للخروج من مأزق الشغور والتعطيل والفراغ. فلا شغور، بالمعنى الرسمي، في البلدان التي تضربها الحروب منذ سنوات. ولا تخلى اي منها مثلنا عن الانتخابات والموازنات.