لا يستحق اللبنانيّون تهمة الاستسلام، ومهما فعلت إيران وحزبها لن تستطيع أن تنتصر في لبنان فلكلّ احتلالٍ مقاومة، وهذه الفورة الشيعيّة الفارسيّة اعتاد عليها التاريخ العربيّ الذي هبّت عليه الرياح العاتية دائما من خراسان وانتهت كلّها بنكبات على أهلها، لو سمحتم اقرأوا تاريخ لبنان والتاريخ العربي على مساوئه وبلادته وقبليّته وجاهليّته وغبائه!!
شريحة واسعة من اللبنانيّين تعتريها مشاعر إحباطٍ غير مسبوق، وهذه الشّريحة استسلمت معتبرة أنّ حزب الله انتصر ووضع يده على البلاد، وأمام هذه المرحلة السوداوية علينا أن لا نستسلم أبداً لفكرة الهزيمة لأنّ هذا ما يريده حزب الله، فهذا الصراع عميقٌ وطويل جداً وضاربٌ في التّاريخ، منذ ألّف الفرس كتبهم في العهديْن العباسي والصفوي، منذ كتاب “مثالب العرب” لهشام بن الكلبي، أو منذ معمر بن المثنى، وهو من يهود فارس الذي ألّف كتباً كثيرة تعرّض فيها للعرب منها “لصوص العرب” و”أدعياء العرب”، كما ألّف كتاب “فضائل الفرس” وألّف “عَيْلان الشعوبي” وكتاب “الميدان في مثالب العرب”، ومن جملة ما وضعته المدرسة الصفوية، كتاب “بحار الأنوار” للمجلسي الذي جاء بمئة وعشرين مجلداً، وقد دوّن فيه ما طلبه الصفويون من الروايات والقصص التي تساعد على نشر بذور الفتن والتفرقة العنصرية والطائفية، ويحمل الكتاب بين دفّتيه أفحش الجمل وأغلظها ضد رموزنا الدينيّة العربية الإسلامية، وكذا كتاب “مفاتيح الجنان” لصاحبه عباس القمّي وهو أيضاً زاخرٌ بالسّباب واللّعنات للعرب وذلك كلّه بحجّة الدّفاع عن أهل البيت!!
وتوارث الفرس جيلاً بعد جيل حقدهم على العرب، حتى وصل الصفويّون الذين تلبّسوا التشيّع وادّعوا النّسب العلوي، بالرّغم من أنّ المؤرّخين الفرس يؤكّدون أنّ إسماعيل الصفوي مولود لأمّ أرمنية وأبٍ أذري، وكان جدّه صفيّ الدّين الأردبيلي وهو شيخ طريقة صوفيّة سُنيّة…
ولمرّة جديدة نعيد ونقول: سيظلّ دائماً خير من كشف ضغائن الفرس وحقدهم “شاعرهم الرّودكي” الذي قالها بصراحة: “عمر بشكست پشته هجبران عجم را/ برباد فنا داد رگ وريش جم را/ اين عربده وخصم خلافة زعلي/ نسيت با آل عمر كينه قديم أست عجم را” وترجمتها: “الصراع والعداوة مع العرب ليس حبّاً بعليّ والدفاع عن حقّه في الخلافة/ ولكنّها البغضاء والعداوة لعُمَرَ الذي كسر ظهر العجم وهدَّ حضارتهم”، وكلّ مقاربة لهذا الصراع من خارج سياقه التاريخي تظلّ إيران الفارسية المستفيدة الوحيدة منها، أحياناً لا نفهم الإصرار على مواجهة إيران العنصرية في العرق والعقيدة، فيما تتوارب ردودنا خلف “عداء سياسي”، مع أنّ الحقيقة تماماً غير ذلك!!
ما من مرّة كان اللبنانيّون فيها رهائن الإحباط والحزن على حال وطنهم وشعروا أنّ لبنان سقط مهزوماً إلّا وتدخّلت الإرادة الإلهيّة وتغيّر المشهد، وهذه المرّة أيضاً لا تيأسوا أيضاً سيتغيّر المشهد{ومكر أولئك هو يبور}.