يُفتتح الشهر الطالع، المترافق مع انتهاء العهد الرئاسي، وتوقع استمرار الفراغ الحكومي، على التباس بآليات التسعيرة الجديدة الواجب اعتمادها في أكثر من قطاع. فمع مطلع تشرين الثاني يفترض، بحسب بيانات مؤسسة كهرباء لبنان المعطوفة على موافقة وزارة المالية، أن تدخل التعرفة الجديدة للكهرباء حيز التنفيذ. كما يفترض أن يحل السعر الجديد للصرف على أساس 15 ألف ليرة للدولار الواحد مكان السعر القديم البائد. وأن تبدأ الجمارك باحتساب الرسوم على البضائع المستوردة على أساس 15 ألف ليرة للدولار الواحد، كما ورد في مناقشات الموازنة بشكل ملتبس. بيد أنه بحسب المعلومات فان أي من هذه التعرفات الجديدة لن تتحول إلى التطبيق على أرض الواقع قريباً.
في ما يتعلق بالتعرفة الجديدة للكهرباء، التي ستتراوح بين 10 سنتات للشطر الذي يقل عن 100 كيلواط، و27 سنتاً للشطور التي تزيد عن هذا السقف، فهي “ما زالت معلقة”، بحسب عضو مجلس إدارة كهرباء لبنان الشمالي – قاديشا، المهندس في مجال الطاقة سامر سليم. لانها مرتبطة بحسب القرار المتخذ في مجلس إدارة المؤسسة بعاملين اثنين:
الاول، مواكبة من الوزارات المعنية، ولا سيما منها: الداخلية، العدل والمالية. فعلى القوى الامنية أن تواكب عملية إزالة كل المخالفات والتعديات على الشبكة. ذلك من أجل تخفيض الهدر غير التقني الذي يتمثل بسرقة الكهرباء. وعلى وزارة المالية أن تبدأ بتسديد متأخرات مؤسسات القطاع العام التي تتجاوز 230 مليون دولار، وإلا فان التعرفة ستحتسب على أساس 37 سنتاً للكيلواط. أما من جهة وزارة العدل التي يفترض بها مرافقة العملية، فهي مقيدة بإضراب القضاة.
الثاني، تأمين ما بين 8 إلى 10 ساعات تغذية في اليوم الواحد.
إذا سلمناً جدلاً بامكانية تحقيق العامل الاول، فيظهر أن تطبيق العامل الثاني شبه مستحيل. فكل ما يحكى عنه لغاية اللحظة من فيول عراقي، سواء تأمن من الصفقة الجديدة، أو من المتبقي من الصفقة القديمة بمقدار 180 ألف طن، لن يؤمن أكثر من 5 ساعات تغذية من الكهرباء ابتداء من أول الاسبوع القادم. وهي ساعات غير كافية لرفع التعرفة.
أما في ما يتعلق بالدولار الجمركي، وحتمية البدء بتطبيقه مع توقيع رئيس الجمهورية على قانون موازنة 2022، أو عدم رده بأسوأ السيناريوات، فان الامر لا يزال لغاية الساعة ملتبساً. “فزيادة الضريبة الجمركية تتطلب واحداً من أمرين، إما نصاً واضحاً وصريحاً في الموازنة. وإما إقرارها بقانون خاص في المجلس النيابي”، بحسب مدير المحاسبة السابق في وزارة المالية د.أمين صالح. و”بما أن الموازنة التي أطلعنا عليها لا تتضمن نصاً صريحاً يجيز احتساب الضرائب الجمركية على أساس 15 ألف ليرة، إنما فقط احتساب النفقات والواردات على أساس 15 الفاً، تصبح إمكانية تطبيقه مشكوكاً بها. فيما لم نطلع على تفاصيل الموازنة بعد إقرارها وإرسالها إلى مقامي مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية. مع أنه من المستبعد أن يكون قد أُدخل تعديل على النص بهذا المعنى”. وفي حال لم يكن قانون الموازنة يتضمن نصاً صريحاً لزيادة الضريبة الجمركية، فـ”لا يمكن البدء بتطبيق الدولار الجمركي”، بحسب صالح.
الإلتفاف على تطبيق الدولار الجمركي، يتطلب من جهة اخرى تخفيض سعر الصرف إلى 15 ألف ليرة، كما جرى الاعلان عنه من قبل رئيس الحكومة ونائبه. عندها “تحتسب الرسوم الجمركية على الواردات تلقائياً على أساس 15 ألف ليرة”، بحسب صالح. فـ”بحسب القانون تجبى الضريبة والرسوم ومختلف العمليات الجارية بعملة أجنبية على أساس سعر الصرف الذي يصدره المصرف المركزي”. بيد ان هذا الامر دونه أيضاً عقبات كثيرة، واعتراضات أكثر.
وعليه فان الدولار الجمركي، وسعر الصرف، وتعرفة الكهرباء أصبحت في “خبر كان”، سواء أقرت الموازنة أو لم تقر، في حال ردها الرئيس بين اليوم وغداً. وباختصار فان “الطاسة ضايعة”، كما يقال بالامثال الشعبية عن فقدان المرجعية الصالحة التي يمكن الاحتكام اليها. ومما يزيد الامور تعقيداً، هو عجز حكومة تصريف الاعمال عن اتخاذ القرارات المصيرية، نتيجة التعطيل السياسي المتوقع أن يطبع المرحلة المقبلة بعد الدخول في مرحلة الشغور الرئاسي.