IMLebanon

الخطر في لبنان والخطر على لبنان

 

كما في الفقه الدّستوري كذلك في وقائع الحياة: حكم القانون شيء، وقانون الحكم شيء آخر. الأوّل هو تطبيق القانون في دولة الحق لتحقيق العدالة بين المواطنين وضمان حقوقهم حتّى من السّلطة على يد قضاء نزيه مستقل. والثّاني هو قيام الحكم بتطبيق قوانين ظالمة ومخالفة لحقوق الانسان سنّها لخدمة مصالحه ويطبّقها على معارضيه عبر قضاء منحاز ومطواع. لكن لبنان الذي تتبارى زعاماته في ادّعاء القوّة على حافة هاوية سياسيّة واقتصاديّة يبدو في موقع حائر: لا هو حكم القانون، ولا هو قانون الحكم.

 

هذا أقلّه ما كشفته تجربة وزير العمل كميل أبو سليمان في تطبيق قانون العمل. فالمحامي الدّولي الّذي يعمل بالقانون في أوروبا أراد تطبيق القانون في البلد الذي كان يسمّى “سويسرا الشّرق”. ويا للهول.

 

ما اصطدم به أوّلًا هو احتجاجات اللاجئين الفلسطينيّين. وما لا يزال محل أخذ ورد هو إن كانت الاحتجاجات المستمرّة وما جرى سياسياً وأمنيّاً خلال الأسابيع الماضية إشارة إلى أنّ المطلوب مشكلة من أجل شيء يتجاوز أصحاب المشكلة. لكن الواضح أنّ أكبر خطر في لبنان يحظى بالاهتمام أكثر من أكبر حظر على لبنان.

 

أكبر خطر أو مشكلة في لبنان هو تطبيق القانون.

 

لماذا؟ لأنّه يصطدم بمصالح المافيات المتحكمة ويحرمها من تكديس الأرباح. وهذا ما يقود إلى تأمين الحماية لتجاهل القوانين وخرقها. أكبر خطر على لبنان هو ارتباط حاضره ومستقبله وحتّى مصيره بصراع المحاور الّذي يزداد احتداماً هذه الايّام. وهو صراع على المسرح العربي بين ثلاث قوى إقليميّة هي إيران وتركيا وإسرائيل، ضمن صراع أميركي – إيراني وتنافس أميركي – روسي. وليس في مواجهة هذا الخطر سوى الانقسام الوطني والسياسي والتسليم بالقدر عند فريق وأخذ لبنان إلى قلب الخطر عند فريق آخر.

 

ولا نهاية لمسلسل المفارقات. تطبيق قانون العمل على اللّاجئين الفلسطينيّين، والتّسليم لهم بحمل كلّ أنواع الأسلحة التي ما عاد لها دور في تحرير الأرض وضمان حق العودة. فرض رسم على تدخين أركيلة، والتفرج على 160 معبراً غير شرعي يتم من خلالها التّهريب، إلى جانب ما يحدث في المطار والمرفأ، لأنّ إقفال المعابر يؤذي مصالح المهرّبين الّذين لهم حمايات سياسيّة. وما كان الرّئيس ايزنهاور يحذّر منه ويسمّيه “المركّب الصناعي – العسكري”، هو في لبنان “المركب الاقتصادي-السياسي-الميليشيوي” الّذي يحذّروننا من التّعرّض له. ثمّ مَن يطبّق القانون على من يذهب بالسّلاح الثّقيل ليحارب في سوريا ومن يعلن أنّه سيأخذ لبنان إلى حرب الدّفاع عن ايران ضد أميركا؟

 

يقول مثل أميركي ينطبق علينا: “القوانين اللّيّنة لا تُتّبع والقوانين القاسية لا تطبّق”.