هذا العنوان المنطقي يعود الى كتاب رجل دينٍ مسيحي عربي متنوّر يدعى الأب طانيوس منعم وهو من بلدة محمرش البترونيّة. وبما أن الإرهاب الصهيوني مستمر في صبّ جام غضبه على رؤوس أبرياء غزة الأبيّة، وجدتها فرصةً أضعها أمانةً بين أيادي القرّاء الكرام عبر تلخيص كلمات الأب الجليل وهو الذي قال يوماً مع صديقه المطران إيلاريون الكبّوشي: إن لم أكن يوماً عربيّاً فأنا لست مسيحيّاً، لكنني أنا مسيحي بفخر لأنني قومي عربي بامتياز. إن هذا الكتاب الحامل للعنوان أعلاه والصّادر عن دار موتارشا 1983 خطّه المؤلف في أوائل ثمانينات القرن الماضي، ويستهلّ الخوري طانيوس المقدمة بالقول: للحقيقة إنجيلاً وللحقيقة قرآناً وللحقيقة إعلاماً وإعلاناً، وما أروع أن يقرأ كل من وضع للقضية الفلسطينية مكانةً في قلبه وعقله وضميره الحيّ وما يزال فيما لا تزال الأعداد المليونية تردد: على القدس رايحين شهداء بالملايين. يقول الأب منعم أن إله التوراة غير إله الإنجيل، فإله التوراة إله قبيلة منحازٌ لشعب دون آخر بينما إله الإنجيل محتجب في السماء عرشه, والخلق كلهم عياله. فالسيد المسيح يقول لشعبه لا تكنزوا لكم في الأرض كنوراً، لا تقتنوا فضةً ولا ذهباً لأنه حيثما يكن كنزكم يكن هناك قلبكم. يقول الخوري منعم لقد اختار الله التوراة شعباً خاصاً به وحرضه كقائد جند على محاربة الغير وامتلاك أرضهم وقهرهم وقتلهم وإبادتهم عن وجه الأرض. يقول إله التوراة لشعبه الخاص اليهود، إن جميع الأرض ترى أُعطي لنسلك، أُعطي هذه الأرض من نهر مصر الى النهر الكبير نهر الفرات، إن لكل أرض كنعان ملكاً أبدياً لك. واجعل تخومك من بحر سوف (القلزم = البحر الأحمر) الى بحر فلسطين ومن البر سيراً الى النهر، فإني أُسلم الى أيديك سكان الأرض قد طردهم من أمام وجهك، لا تقطع لهم عهداً ولا تأخذ بهم رحمة. لا يقف إنسان في وجوهكم، فإن الرب إلهكم يلقي ذعركم ورعبكم على كل الأرض التي تطؤونها كما وعدكم صفحة 33 من الكتاب. يهوه إله قبيلة غازية حاقدة، يقول الأب منعم: يكل الى قبيلته مهمة دموية لا إخلاقية ولا إنسانية وهي إبادة الشعوب إبادة آل جويم غير اليهود واغتصاب أموالهم وأراضيهم فيقول التوراة لبني الغرباء، يبنون أسوارك أيها اليهودي وملوكهم يخدمونك، تفتح أبوابك دائماً، لا تغلق نهاراً ولا ليلاً ليؤلى إليك بغني الامم، وتحضر إليك ملوكهم لأن الأمّة والمملكة التي تتعبّد لك تهلك والأمم تخرب خراباَ، صفحة 35، أما أنتم فتدعون كهنة الربّ، تأكلون غنى الأم وبمعبدهم تفتخرون. بقيت أرض للإمتلاك كثيرة جداً، كل بقاع الفلسطينيين وكل أرض الكنعانيين الى تخوم الأموريين وأرض الجبلين وجميع لبنان جهد مشرق الشمس من بعل جاد حتى جبل حرمون الى مدخل حماة، كل سكان الجبل من لبنان الى مياه مسرفوت. كل الصيدونيين سأطردهم من وجه بني إسرائيل وكل جبل حرمون وكل باشان أي الجولان الى سلكة.
أرأيت يقول منعم في الكتابين الكريمين إنجيلاً وقرآناً لا عودة الى التقاتل وخصيصاً على اغتصاب أملاك الغير وتحريضاً على العنف والحرب والتخريب والتدمير وأراقة الدماء وإثارة الفتنة وبث روح العداء بين الشعوب، أين رذيلة الكبرياء في الإنجيل والقرآن؟ لم ترها عيناي أبداً، يقول الإنجيل «من ارتفع اتضع ومن واضح نفسه يرتفع» انظروا الى فضيلة التواضع في القرآن الكريم: ولا تصغّر خدك للناس ولا تمشي في الأرض مرحاً، ان الله لا يحب كل مختال فخور، تواضعوا حتى لا يبقى أحد على أحد ولا يفتخر أحد على أحد، كونوا عباد الله، فتّش في الإنجيل، فتّش في القرآن، والكلام للأب منعم، فلا تقع إلّا على مكارم الأخلاق وقيم الروح ومنابع المحبة والخير لكل الناس والرحمة والوداعة، هكذا يقول الخوري طانيوس منعم مؤلف هذا الكتاب صفحة 38 –39. والمعروف أن الأب منعم كان يفتتح قداسه الإلهي برسم إشارة الصليب على المصلّين ويرفقها بعد ذلك بعبارة باسم الله، لقد أدان الإنجيل الجالسين على كرسي موسى كتبة وفريسيين وشتمهم بالقبور المجصصة واتهمهم بقتل الأنبياء والصدّيقين، ودعاهم بنو قتلة الأنبياء وراجمي المرسلين وحملهم كل دم زكي يسفك على الأرض من هابيل حتى زكريا ووصفهم بآكلي بيوت الأرامل والمرابين والأفاعي والمرّائين. ودعا القرآن الكريم والكلام لمنعم الى السلام والمساواة والتعاون على البرّ والتقوى والتناصر واحترام الإنسان والحيوان وكل ذي روح، ادخلوا في السلم كافة وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان. صفحة 41 -42. يقول منعم لقد جاء السيد المسيح ليكن معنى الخلاص البشري دون أن ينقض من ناموس موسى والأنبياء، أما النبي محمد فجاء أيضاً ليكمل مكارم الأخلاق، إذ يقول: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. ومكارم الأخلاق هي الأخوَة الإنسانية، التي جاء ليتمّمها الإسلام بوصفها خصيصاً من خصائصه ومن مناقبين المسلم الحق. ان الغرباء عند اليهود إسمهم الجوييم وهم الأجانب غير اليهود ويعتبرهم اليهود كفرة بهائم أنجاس مخلوقون من طينة حيوانية نجسة صفحة 57. يقول تيودور هيرتزل الأب الروحي للصهيونية ان جنسنا أكثر فاعلية في كل شيء من باقي شعوب الأرض، ويقول بن غوريون عن نسل اليهود بأنه مقدّس ويضيف انني أؤمن بفكرنا الخلقي والفكري بحيث يستخدم كنموذج لإصلاح الجنس البشري!!