Site icon IMLebanon

أخطار الكلام… من دون ضوابط

بعد هواية عقد الصفقات وهدر اموال الدولة وتكديس ثروات لم يتعبوا في جنيها، تكاد هواية الحكي والثرثرة، ان تكون الجامع المشترك بين اغلبية المسؤولين واهل السياسة، ولان من يتكلم كثيراً، يخطىء كثيراً. لا ينتج عن كلام هؤلاء وثرثرتهم سوى الاخطاء والخطايا التي اكثر من يتأثر بنتائجها السيئة الشعب اللبناني والدولة. ويصبح الضرر اكبر واخطر، مع فتح وسائل الاعلام على اختلاف انواعها، الصدر الرحب والواسع، امام «الجواهر» المتدفقة من افواه المسؤولين ومعظم رجال السياسة، بحيث تنتشر مواقفهم المؤذية في آن، على مساحة الوطن كله والمغتربات، تعميماً للضرر.

هؤلاء يعرفون المثل القائل «اذا بليتم بالمعاصي فاستتروا»، ولكنهم يتجاهلونه لانه باب رزقهم، شعبوياً ومذهبياً ومادياً، وبمجرد اجراء احصاء سريع بالمساحة الواسعة التي يقتنصها هؤلاء من وسائل الاعلام، المتهافتة على الاثارة، نعرف لماذا تتناسل المشاكل والعقبات يوماً بعد يوم، لتتحول الى حالات مستعصية ومستحيلة الحل الا بالكي الموجع.

اخطر ما في الكلام «الدائر» وغير المسؤول هو الذي يتجاوز السقف المعقول والمقبول في التخاطب بين مكونات اثبت الواقع المعيوش انه لا يجمع بينها سوى الهوية اللبنانية اما موضوع الانتماء الى لبنان، والتفكير لبنانياً، والتصرف لبنانياً، فمسألة فيها نظر، ولذلك فأن خلق العقد والازمات، والتصرف الكيدي في موضع القوة، واستسهال تجاهل حقوق الناس ومصالحهم، هي اسهل الطرق الى قيام حواجز وجدران بين ابناء الشعب ما يؤدي في نهاية الامر الى تفجير الغضب والقهر والاستعلاء في الشارع وليس في المؤسسات وعلى طاولة الحوار.

***

رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يريده احد مسؤولي التيار الوطني الحر، «حكما وليس طرفا في النزاع السياسي القائم»، والذي اعلن منذ مدة انه مع «سعد الحريري ظالما كان ام مظلوما» اعلن في خطاب الاحتفال بذكرى تغييب الامام موسى الصدر موقفين خطيرين لا ينسجمان مع منصبه كرئىس مجلس نيابي لجميع اللبنانيين، او حكما في القضايا الوطنية ففي الموقف الاول اعلن انه لا رئيس للجمهورية قبل التفاهم على سلة مطالب، في حين ان السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله سبق له واعلن انه طالما ان الرئاسة ستكون للعماد ميشال عون او النائب سليمان فرنجية، لن نتوقف عند سلّة تفاهمات، اضافة الى ان تيار المستقبل يؤكد ان لا سلة قبل انتخاب رئيس، وكذلك الامر اكّده حزب التيار الوطني الحر، فلماذا اذن خلق تعقيدات جديدة لا تؤدي الاّ الى تشنج الاوضاع وتعطيل الاستحقاق، اما الموقف الثاني، وهو الاخطر، فهو تهديد برّي باللجوء الى الشارع «لمواجهة العبث السياسي وتعطيل المؤسسات» ما استدعى ردّا من التيار الوطني ان «لكل مكوّن شارعه» وتلميحا يصل الى حدود التأكيد ان التيار يدرس جديا مدى فائدة الاستمرار في الحوار.

بطبيعة الحال استدعت هذه المواقف المتعارضة ردود فعل مختلفة، عكست المزيد من التوتر السياسي بين الافرقاء، زاد من حالة التشاؤم لدى اللبنانيين بإمكان ان يكون شهر ايلول، وهو شهر مفصلي في الازمات الكثيرة القائمة، شهر العبور الى الحلول الممكنة، بعيدا من فتح ملفات خلافية جديدة، مثل ملف انتزاع جرود العاقورة من اهلها خلافا للقانون والاعراف والمعاملة بالتساوي مع جميع بلدات لبنان المشابهة.