الأنظار مسلّطة، اليوم، على اجتماع «دار الفتوى» للنواب السّنة الذي سيعقد برعاية مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وهو اجتماع وطني، قبل أن يكون مذهبياً، بالنظر إلى خطورة الأوضاع التي يمرّ بها لبنان، وما ينبغي اتخاذه من خطوات، من شأنها تحصين الساحة الداخلية بالدرجة الأولى، وإعادة لم شمل الطائفة السنية، من أجل أن تستعيد دورها السياسي، تحضيراً للاستحقاقات الداهمة التي تنتظر لبنان، وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية. ولا يخفى على أحد الدور الأساسي الذي يضطلع به سفير خادم الحرمين الشريفين وليد بخاري الذي سيستضيف النواب السنّة في دارته باليرزة، في تهيئة المناخات من أجل إنجاح هذا اللقاء، حرصاً على مصلحة البلد، ومن أجل تصحيح المعادلة الداخلية، بما يحفظ لسنّة لبنان دورهم الوطني، إلى جانب المكونات الأخرى.
وتؤكد أوساط نيابية لـ«اللواء»، أن «اجتماع دار الفتوى يكتسي أهمية بالغة، في توقيته ومضمونه، في ظل الوضع الذي تمرُّ به الطائفة السنية، والتي لا يحسدها عليه أحد. وإذا كان هذا الاجتماع محصور بالنواب السنّة، إلا أنه محاط بأبعاد وطنية وعربية لا يمكن تجاهلها. إذ أنه لا يمكن استبعاد المكوّن السنّي عن أي استحقاق ينتظر لبنان، بحيث أنه يجب أن يكون للعامل السنّي دور أساسي في إنجاح هذه الاستحقاقات في ظل الظروف الدقيقة التي يمرُّ فيها البلد»، مشددة على أن «هذا الاجتماع جاء ليؤكد على أهمية العمل من أجل تعزيز علاقات لبنان العربية، وأن هذا البلد لا يمكن أن يستعيد عافيته، ويعود إلى دوره الطبيعي في محيطه، إذا لم يكن على أفضل العلاقات مع الدول الشقيقة».
وتلفت الأوساط، إلى أن «استضافة السفير بخاري للنواب السنّة، وما يبذله من جهود استثنائية، إشارة بالغة الدلالات، على أن المملكة العربية السعودية، تدعم بقوة اجتماع دار الفتوى برعاية المفتي دريان الذي يحظى تحركه، لتوحيد الموقف السياسي للطائفة، بتأييد قوي من جانب مسؤولي المملكة، ومن خلالها دول مجلس التعاون الخليجي، سعياً من أجل عودة لبنان إلى الشمل العربي، بدءاً من إعادة جمع المكوّن السنّي الذي عانى اهتزازاً قوياً، بعد إعلان رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، تعليق عمله السياسي، وقراره عدم المشاركة في الانتخابات النيابية الأخيرة» . وأشارت إلى أن ما بعد هذا الاجتماع، سيكون له تأثيره على مجرى الأحداث الداخلية، وما ينتظر لبنان من محطات غاية في الأهمية».
وتوازياً، فإن البيان السعودي – الفرنسي – الأميركي، قد بعث برسالة واضحة بأن لبنان لا يزال تحت المجهر الدولي، وهذا ما يفرض على مسؤوليه القيام بالخطوات الكفيلة بإخراج لبنان من مأزقه. وقد أعطى هذا البيان دفعاً قوياً للحراك الدبلوماسي السعودي – الفرنسي – الأميركي في لبنان، من أجل الاستمرار في زخمه المواكب لتنفيذ الاستحقاقات التي تنتظر لبنان، وفي المقدمة الانتخابات الرئاسية التي يشدد المجتمع الدولي على ضرورة إجرائها في موعدها، لأنه في حال حصول شغور في موقع الرئاسة الأولى، فإن ذلك سيزيد من متاعب اللبنانيين، ويفتح الأبواب أمام المجهول، في وقت لا يتحمّل لبنان المزيد من الأزمات التي ستثقل كاهله، وتجعله عاجزاً عن إنقاذ نفسه.
وتكشف المعلومات، أنه يتوقع أن تكون لسفراء الدول الثلاث جولات موسّعة على القيادات السياسية والروحية، لوضعها في أجواء ما تضمنه البيان، بما يمكن المسؤولين اللبنانيين على تنفيذ مضمونه، من أجل مصلحة اللبنانيين بالدرجة الأولى، وبما يخفف من معاناتهم التي طال انتظارها، في ظل تباطؤ كبير في تنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي. بعدما لمس وفد صندوق النقد، أن المسؤولين اللبنانيين لم يفوا بوعودهم الإصلاحية التي تعتبر أساسية، لكي يتجاوز لبنان المخاطر التي تتهدده. وهذا من شأنه أن يدفع مسؤولو الصندوق إلى إعادة النظر بالاتفاق المبدئي الذي وقّع مع لبنان، في حال استمرت سياسة اللامبالاة من جانب هؤلاء المسؤولين.