Site icon IMLebanon

أهمية اجتماع دار الفتوى

 

 

أهمية اجتماع دار الفتوى برئاسة سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان حفظه الله.. إن بعض من يشوّش على اجتماع دار الفتوى لأسباب أصبحت معروفة، ولكي يفرّق المسلمين واللبنانيين بعضهم عن بعض، يحاول بشتى الوسائل أن يعطي فكرة ان هذا الاجتماع هو اجتماع طائفي ومذهبي مقابل اجتماعات لطوائف ومذاهب أخرى.

نحن نقول لهؤلاء ليس من عادات دار الفتوى أن تدعو لأي اجتماع مذهبي فدار الفتوى وطنية والمفتي دريان هو مفتي كل الجمهورية اللبنانية، لذلك سوف يرى حزب المشوشين والمستفيدين كيف أن هذا الاجتماع نجح، لا سيما أن أهم بنوده هو التمسّك باتفاق الطائف والوحدة الوطنية وعروبة لبنان وتكاتف اللبنانيين مسلمين ومسيحيين.

كما نقول لحزب المشوّشين والأدعياء الذين هم الأقل عدداً، إذا استطاع الزمن أن يصل بكم الى بعض المراكز السلطوية، لكنكم قلائل لا تملكون الأكثرية، والأكثرية هي التي تتكلم الآن، وهي التي تواجدت في دار الفتوى كأكثرية مطلقة ساحقة وأكثرية وطنية عروبية بحتة.

أما على الصعيد السياسي، فإن اتفاق الطائف هو الأساس ودعم صمود اللبنانيين من المجاعة التي أوقعنا بها البعض الذين يتعاطون السياسة الجبروتية.

كما نقول لهؤلاء إن ديننا الإسلامي يَغرز في قلوبنا بذور التفاؤل والأمل والرجاء، فالإسلام والعروبة والمسيحية حرّمت اليأس وأوجدت البديل وهو الأمل وحرمت التشاؤم وأوجدت التفاؤل.

لذلك فإننا نرى صاحب الأمل الكبير سماحة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان حفظه الله، عالي الهمّة، دؤوب العمل، كثير البذل والعطاء، سريع التضحية بعكس الآخرين العاجزين من حزب المشوّشين والمنظّرين الذين لا نأخذ منهم سوى التنظير والتشويش وهم يعيشون عيشة الملوك ويدّعون بأنهم مع الفقراء والمساكين والمسحوقين ولا نرى منهم شيئاً من التضحية في سبيل الوطن، خصوصاً على الصعيد الاجتماعي. ومن المعلوم أنه بقدر تفاوت الناس بمالهم وأعمالهم تتفاوت عزائمهم كما قال الشاعر: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم وعلى قدر أهل الكرم تأتي المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم».

إن ديننا الإسلامي يدعو الى الأمل والتفاؤل الذي هو من الصفات المهمّة لأي إنسان ينشد السعادة والنجاح، ورسالة الإسلام لا تعرف اليأس ولا القنوت ولا التشاؤم. ومن هنا فإن اجتماع دار الفتوى كان اجتماعا لدعم الوطن قبل سقوطه في الهاوية وخصوصاً من قبل بعض الساسة المتسلطين على رقاب الناس.

والعروبيون لهم ثقة وأمل بدار الفتوى وسماحة مفتي الجمهورية وبالمشايخ الأجلاء والحاضرين للدار فرداً فرداً، ويكنّون لهم كل احترام ويتمنون لهم أن يحصدوا ثمار الاجتماع وبإذن الله هذا ما سيحصل.

ونحن في وطننا العزيز لبنان وفي منطقتنا العربية ورغم كل الصعاب والظروف المؤلمة التي نمرّ بها ورغم كل ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني المرابط في كل الأرجاء، فإن قضيتنا عادلة وسننتصر على المؤمرات العديدة التي تتعرض لها المدينة المقدسة القدس وقلبها النابض المسجد الأقصى المبارك قبلة المسلمين الأولى، وستنتهي الاعتداءات والانتهاكات والمؤامرات وخصوصاً تلك الرامية لإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى لا سمح الله، وسنحرر أسرانا البواسل الذين يتعرضون لانتهاكات وجرائم عديدة، لأن ثقتنا بالله سبحانه وتعالى كبيرة.

ولهذا كان من صلب اهتمام اجتماع دار الفتوى على الصعيد الوطني الوضع اللبناني وعلى الصعيد العروبي دعم قضيتنا الأساسية فلسطين وعلى رأسها المسجد الأقصى الذي بإذنه تعالى سنستعيده في أقرب وقت ممكن، وإن الفجر لآتٍ بإذن الله تعالى. ففي لبنان وعلى أرض فلسطين وفي كل منطقتنا العربية وفي كل المناطق الإسلامية، ستتحرر الشعوب من الاستعمار وسنصلي بإذنه تعالى في القدس الشريف.

ولهذا تناول سماحة المفتي في الاجتماع نقاطاً مهمة جداً ومن أهم ما قاله هو أن اجتماعه أبعد مما يكون عن الفكر الطائفي أو المصلحي.

لقد أراد فقط لمّ الشمل والاتفاق على ثوابت وطنية وهكذا كان عندما قال سماحته: إننا في الأصل في دار الفتوى أهل شورى وتعاون. فعلينا بالوحدة مهما اختلفت آراؤنا، مؤكداً أن وطننا في خطر وأن علينا أن نتكاتف بوحدتنا لإنقاذه، مشدداً على مسألة وجوب أن يكون المجتمعون يداً واحدة وصوتاً واحداً في تحقيق ما يصبو إليه الناس جميعاً من تشكيل حكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية لمعالجة الأزمات التي يعانيها المواطن على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والتنموية ومؤكداً على تمسّكه باتفاق الطائف وعلى عدم المسّ بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء ومؤكداً على التعايش بين جميع الطوائف وعلى وحدة الوطن والمواطن.

كما أكّد سماحته على أن لبنان لا يقوم إلا بالتوافق ولا خلاص له إلا بوحدته بعيداً عن التشنج والخطاب الطائفي والشحن التحريضي.

وإذ قال سماحته للنواب لا بد بإرادتكم وأصواتكم من رئيس جديد نستطيع أن نثق به وبأمانته للدستور واتفاق الطائف والعيش المشترك وهوية لبنان العربية وعلاقاته الدولية وأن تكون النزاهة أهم صفاته.

إن هذا الخطاب المميّز الصادر عن سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أطال الله بعمره يصلح بالتأكيد أن تصبح كلمته بنوداً يلجأ إليها ليس فقط النواب السنّة بل جميع المتعاطين في الشأن العام أو الشأن الدولي.

وإننا إذ نبارك ما قاله سماحة المفتي ونتذكر خطبة العيد التي تكلّم بها سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية السابق الشيخ حسن خالد رحمه الله والتي كانت في ذلك الوقت نبراساً وميثاقاً للنضال من أجل تحقيق ما تطلبه الجماهير الشعبية والعروبية. أما اليوم فإن ما صدر عن دار الفتوى في هذا اللقاء يصلح لأن يكون طريقاً نحو المسار والمسير.

ونسجل شكرنا الى كل الذين حضروه وبعثوا الأمل في قلوب هذا الشعب المعذّب الذي أصبح ينتظر يوماً بيوم أو ساعة بساعة تحقيق الحلم الذي يريده الشعب وهو بناء الدولة وفق القانون والدستور.