Site icon IMLebanon

“اليوم التالي” لجبهة الجنوب غير واضح بعد ولبنان أمام فرصة لتحرير 485 كلم2 من أراضيه المحتلّة 

 

 

ماذا بعد “اليوم التالي” للحرب على غزة؟ سؤال يطرحه الجميع، ويسهب الخبراء والمحلّلون بالإجابة عنه، وتحديد سيناريوهات عديدة له. في حين أنّ السؤال عن “اليوم التالي” لما بعد حرب القطاع عند الجبهة اللبنانية الجنوبية، فيبدو للسياسيين والمراقبين أكثر غموضاً. فلا أحد يدري ما الذي يضمره العدو الإسرائيلي الذي يتوعّد بضربة كبيرة للبنان، ويُهدّده بـ “صيف ساخن”. فماذا عن هذا “اليوم التالي”؟ وماذا عن المفاوضات التي يُجريها كبير مستشاري البيت الابيض لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، بعد كلامه على أنّ “الاتفاق جاهز”؟!

 

تقول مصادر سياسية مطّلعة إنّ دخول حزب الله في المعركة مع العدو الإسرائيلي عند الجبهة الجنوبية، جعل هذا الأخير حائراً وقلقاً ليس من المواجهات العسكرية، أو من عدم الالتزام بقواعد الاشتباك المتفق عليها ضمناً بين الطرفين فقط، إنّما من هذا “اليوم التالي”. فقد سبق وأن تحدّث عن الفصل بين حرب غزّة والجبهة الجنوبية، بهدف الاستفادة ممّا يطالب به عند الحدود، ولهذا يمضي في وعيده وتهديده، رغم معرفته بتوازن القوى مع حزب الله.

 

فلا سيناريو محدّد لهذا اليوم، على ما أضافت المصادر، خصوصاً مع ربط حزب الله وقف إطلاق النار عند الجبهة الجنوبية بوقف الحرب في غزّة. في حين أنّ “الإسرائيليين” يطالبون بإقفال هذه الجبهة، ولا يبدون أي استعداد للتجاوب أو لتطبيق ما هو مطلوب منهم في القرار 1701. كلّ ما يقترحونه هو بعض الأمور غير المضمونة مثل السماح للبنان بمتابعة عمله في البلوكات البحرية لاستخراج الغاز والنفط، مع العلم أنّهم يعملون في حقل “كاريش” منذ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية.

 

كذلك فإنّ دخول الحزب على خط المواجهات العسكرية مع العدو، بعد يوم واحد من عملية طوفان الأقصى جعل “الإسرائيلي” يأخذ حذره الى حدّ مطالبة هوكشتاين بأن يُطبّق حزب الله القرار الأممي 1701. مع العلم  بأنّ هذا القرار نفسه يطالبه بالانسحاب من جميع الأراضي اللبنانية المحتلّة بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر التي يتمسّك بالبقاء فيها، أو إيجاد حلّ آخر لها.

 

وترى المصادر السياسية أنّ لبنان اليوم أمام فرصة يمكن الاستفادة منها، من خلال حزب الله وقدرته العسكرية على التحرّك بقوّة الردع، والتأثير في قواعد الاشتباك لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة، وجعل “الإسرائيلي” يتجاوب، وفرض قواعد إشتباك جديدة أي تطبيق القرار 1701 معدّلاً. فـ “الإسرائيلي” يتمسّك اليوم بنقطة الـ “بي. وان” ويرفض إعادتها الى لبنان، ويقترح أن تبقى فيها قوّات “اليونيفيل”، على أن ينسحب من النقاط الـ 13 التي يتحفّظ عليها لبنان، وليس من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر، كونها تُشكّل موقعاً استراتيجياً له، ويستفيد بالتالي من من ثرواتها الطبيعية، مقابل التهدئة عند الحدود.

 

وهذا يعني، على ما تشرح المصادر، أنّ “الإسرائيليين” لا يريدون تطبيق القرار 1701. وقد نقل هوكشتاين بعض الطروحات “الإسرائيلية” التي تقول إنّهم مستعدّون لمعالجة النقاط الـ 13، ولا يريدون تطبيق القرار المذكور لجهة وقف الخروقات للسيادة اللبنانية. ولكنّهم يطرحون فكرة استمرار طائراتهم بالقيام بمهامها الإستطلاعية على علو شاهق، بدلاً من إطلاق المسيّرات على علو منخفض بهدف اغتيال بعض الشخصيات أو غير ذلك، والقيام ببعض الترتيبات الأمنية عند الحدود. غير أنّ الحزب رفض مناقشة أي اقتراح قبل انتهاء حرب غزّة. كما أنّ قواعد الردع والإشتباك التي تفرضها المقاومة هي القائمة اليوم على أرض الواقع، لهذا فإنّ لبنان ليس مضطراً الى تقديم التنازلات خلال المفاوضات غير المباشرة التي يجريها هوكشتاين، ولا للتسرّع قبل دراسة كلّ المقترحات الأميركية، ومعرفة ما هي حقيقة نوايا العدو.

 

وبحسب المعلومات، ذكرت المصادر ذاتها أنّ مساحة النقاط الخلافية الـ 13، والمناطق المحتلّة الـ 16 من قبل العدو الإسرائيلي في جنوب لبنان تبلغ 485 كلم2، في حين أنّ مساحة مزارع شبعا لا تتعدّى الـ 25 كلم2، وتلال كفرشوبا 37 كلم2، أي ما مجموعه 62 كلم2 فقط. وهذا يعني أنّها مساحة كبيرة لن يُفرّط بها لبنان، بلد الـ 10452 كلم2، بهدف تأمين أمن المستوطنات الشمالية، إنّما سيصرّ على تحريرها من قوّات العدو.

 

وقدّم لبنان تصوّراً للوسيط الأميركي، وينتظر وقف إطلاق النار لمناقشة سائر الطروحات والأفكار. ومن الواضح اليوم أنّ حزب الله هو الذي يمنع “الإسرائيلي” من توسيع الحرب على لبنان. كما يرفض أن يكون سبب تدمير البلاد على يدّ هذا الأخير الذي تحدّث عن استكمال الحرب عليه وإن توقّفت الحرب في غزّة. علماً بأنّ الحزب قادر على إلحاق الأضرار والخسائر الموجعة في الداخل “الإسرائيلي”.

 

من هنا، فإنّ عودة هوكشتاين الى لبنان والمنطقة باتت محسومة، على ما شدّدت المصادر عينها، لكنها تتعلّق بمسألة التوقيت. فالوسيط الأميركي يتفهّم موقف حزب الله من أنّه لن يدخل بأي مناقشة قبل إنهاء الحرب في غزّة. علماً بأنّه نقل أنّ “الإسرائيلي” مصرّ على استكمال المواجهات عند الجبهة الجنوبية حتى لو انتهت الحرب، في محاولة للتأثير في رأيه، وجعله يوافق على الاتفاق الذي يمكن تطبيقه بعد وقف إطلاق النار. غير أنّ الحزب له كلام آخر، يتعلّق بقوّته الردعية وتوازن القوى. كما يبدو أنّه لا بدّ من انتظار التفاهم الأميركي- الإيراني ليُبنى على الشيء مقتضاه.