تَشابه سيناريو معركتي جرود عرسال ومعركة القلمون الغربي التي خاضهما «حزب الله» ضد «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» لجهة المدة الزمنية، والحل الذي أفضى إليه بعد أيام على معارك انتهت بمفاوضات ستسمح للإرهابيين بالخروج إلى الأراضي السورية سالمين، فيما يعود أسرى الجيش، الذين خُطفوا في آب عام 2014، شهداء محمولين وملفوفين بالعلم اللبناني.
«بقدرة مفاوضات»، هدأ صوت القصف المدفعي والصاروخي، وغاب صوت أزيز الرصاص عن ساحة المعركة التي بدأها الجيش اللبناني السبت الماضي على إرهاب «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، ليعلن صباح أمس عن وقف إطلاق النار إفساحاً في المجال أمام الكشف عن مكان العسكريين المخطوفين منذ العام 2014، بعدما بدأ «حزب الله» مفاوضات مع التنظيم أفضَت إلى وقف إطلاق نار وتبادل جثث مقاتلين بالتنسيق مع الجانب السوري والجانب اللبناني ممثلاً بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
تسعة أيام مرّت على معركة فجر الجرود، تقدّم خلالها الجيش اللبناني وسيطر على مساحات واسعة من الجرود، وتحت النار والبارود تراجع عناصر «داعش» إلى مساحة لا تزيد عن 20 كلم2 واقعة ضمن الأراضي الحدودية اللبنانية – السورية المُتنازع عليها، والتي تنتظر عملية ترسيم الحدود.
ما أعطى الحزب هامشاً واسعاً للتحرك وبدء المفاوضات، وإن كانت قد رفضت منه قبل سنوات واتُهمَ خلالها مَن سعى لفتح قنوات التواصل وكشف مصير العسكريين بأبشع الإتهامات.
وقد انتهت المفاوضات باتفاق بين «حزب الله» وبين «داعش» سينفّذ على مراحل، قضَت المرحلة الأولى منه والتي أنجزت أمس بوقف إطلاق النار بين الطرفين، حيث بدأت مفاعليه من الناحية اللبنانية عند الساعة السابعة صباح أمس، في مقابل تسلّم «حزب الله» جثث مقاتلين سقطوا سابقاً والكشف عن مصير العسكريين.
وسار الإتفاق نهاراً حسب البنود المتفق عليها، بحيث توجهت آليّات لـ«حزب الله» إلى مكان وجود جثث المقاتلين في القلمون الغربي، وتمّ انتشال 5 جثث نقلت إلى بيروت لإجراء فحوص الحمض النووي والتعرّف إليها، في وقت عرفت أسماء كلّ من: قاسم سليمان، حسن حمادي، وفادي مسرة ضمن صفقة الجثامين.
وقضى الإتفاق أيضاً بانتقال عناصر «داعش» إلى منطقة دير الزور (مدينة البوكمال) بعد الانتهاء من فحوص الحمض النووي والتأكد من هويّات عناصر الحزب وجثامين العكسريين، على أن يطلق سراح أسير «حزب الله» أحمد منير معتوق تزامناً مع وصول عناصر التنظيم إلى وجهتهم الأخيرة.
ولاحقاً، توجّه وفد من الجيش اللبناني وعناصر من الأمن العام إلى الجرود للكشف عن مكان وجود جثامين العسكريين بعد معلومات حصلوا عليها من عناصر في تنظيم «داعش» كانوا قد سلّموا أنفسهم إلى الحزب في القلمون سابقاً.
وبعد ساعات، تمّ العثور في محلة وادي الدب على ثمانية جثامين. ومن جرود عرسال، شقّ موكب الجثامين المؤلف من 9 سيارات إسعاف تابعة للصليب الأحمر اللبناني، بمواكبة الأمن العام وفوج المجوقل، طريق العودة الأخيرة في اتجاه بلدة اللبوة، ومن هناك انطلق إلى المستشفى العسكري في بيروت لإتمام الفحوص اللازمة والتعرف إلى هوياتهم.
أهالي القاع يستهجنون
من جهتهم، إستهجن أهالي شهداء القاع وجرحى مجزرة 27 حزيران الارهابية التي ضربت بلدتهم وأدّت الى سقوط 5 شهداء و32 جريحاً، عدم اهتمام المسؤولين السياسيين والامنيين بالتحقيق في جريمة القاع الفظيعة والمروّعة.
ولفت الأهالي في بيان «الى أننا نشهد الساعات الاخيرة من عملية الإطباق على الإرهابيين التكفيريين من «داعش»، ونتساءل عن عدم ظهور أيّ نتيجة رسمية حول مَن نفّذ وخطّط، وما هي الملابسات والأهداف لهذه الجريمة المروّعة والرهيبة التي ضربتنا في قلوبنا وعائلاتنا».
وأضافوا: «مع علمنا وعلم الجميع أنّ كل الجهات الامنية والسياسية كانت قد أجمعت على أنّ تنظيم «داعش» التكفيري هو مَن خطّط ونفّذ هذه الجريمة، وبما أنّ هذه المنظمة الارهابية والتكفيرية قد استسلمت تحت ضربات الجيش اللبناني من الجهة اللبنانية وضربات «حزب الله» والجيش السوري من الجهة السورية، نطالب بتوقيف عناصر هذه المنظمة والتحقيق معهم لمعرفة ملابسات كل الجرائم الإرهابية التي اقترفوها بحق أهلنا ووطننا والإنسانية جمعاء».
وسأل الأهالي: «لماذا يتمّ تمرير هؤلاء الإرهابيين الى الداخل السوري وتحديداً منطقة دير الزور قبل التحقيق معهم ومعاقبتهم بالعقاب المناسب؟ ألا يستحق دم أبنائنا الابطال الابرياء التحقيق اللازم لمعرفة ملابسات مَن خطّط ونفّذ هذه الجريمة الارهابية المروّعة وأهدافه؟»، مناشدين «رئيس الجمهورية رجل الحزم والحسم وجميع المسؤولين الرسميين والمدنيين ومن اجل الحق والحقيقة ومن اجل كرامة ابطال الوطن، توقيف هؤلاء المجرمين الذين عاثوا فساداً وإرهاباً في بلداتنا ووطننا ومنع مرورهم والتحقيق معهم لينال كل مجرم عقابَه الملائم، من اجل إظهار الحق والحقيقة ومنعاً لأيّ استغلال من أيّ فريق كان».