IMLebanon

موت السياسة في لبنان

من إمارات البؤس ان يصير عقد جلسة لمجلس الوزراء حدثا، واللاقرار فيها رمز اقتدار. ومتى؟ بعد عام على الشغور الرئاسي والهرب من اكمال النصاب في جلسات الانتخاب وتعطيل العمل التشريعي في المجلس النيابي. وقمة البؤس ان نفشل حتى في ادارة الفراغ، بعد الفشل المنهجي في ملء الفراغ الذي هو جاذب لرياح الاخطار في المنطقة وطارد لمعالجة قضايا الناس. ومن وما الذي يقود الى الفشل، وسط الشعارات الكبيرة؟ الرهانات على الاوهام، والارتهان لصراعات المحاور، وحسابات الاطراف التي تتصرف على أساس انها صاحبة ادوار في سياسة القدرة على ادارة الرياح في المنطقة، حيث تتصادم العواصف الاقليمية والدولية.

ذلك ان من السهل استخدام الميثاق والدستور والقانون في السجال الدائر خارج الاحتكام عمليا الى الميثاق والدستور والقانون. لكن من الصعب تغطية الصراع العاري داخل السلطة بتفصيل ثياب ميثاقية ودستورية. فلا الخلاف على دور الوزراء في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة في موضوع جدول الاعمال هو الامتحان الحقيقي للشراكة المسيحية – الاسلامية. ولا التوقف عن معالجة القضايا الملحة للبلد والناس الى ان يتم حل الخلاف على اولوية وحيدة في جدول الاعمال سوى وصفة للتصلب في مواجهة التصلب.

فضلاً عن ان المركز الشاغر هو رئاسة الجمهورية لا قيادة الجيش. ولا أولوية تتقدم على انتخاب رئيس، أقله ليعود الانتظام الى العمل في آلة السلطة. ولا أحد، مهما يكن حجم زعامته وجوهر برنامجه وحقه كمرشح قوي، يملك نوعا من الحق الالهي في الرئاسة، لأن من يصل الى قصر بعبدا هو من يضمن اكثرية الاصوات في المجلس النيابي. وكلما طال امد الشغور الرئاسي بحجة الحاجة الى رئيس قوي كلما ازداد الضعف في موقع الرئاسة، وتكيف كثيرون مع الشغور الرئاسي، وكبرت ازمة الجمهورية نفسها.

ومن الغرائب ان نبقي رأس لبنان مقطوعا وقت تغيير الدول، بدل ان نحفظ رأسه. ومن العجائب ان نستمر في الممارسة المقلقة لسياسة حافة الهاوية، مطمئنين الى ان لبنان محمي بمظلة اقليمية ودولية. فلا احد، بصرف النظر عن الخيال، يملك ترف الجهل بماذا ولماذا تحرص القوى الاقليمية والدولية على ضمان الحد الادنى من الاستقرار في لبنان. ولا شيء يوحي ان المظلة ثابتة مهما تكن المتغيرات والتطورات في العالم العربي المضروب بالفوضى والتفتيت والسياسات والمطامع الاقليمية والدولية والذي يتعرض لأخطار آخر رموزها تنظيم داعش الارهابي.

وليس في الاحاديث عن الاستراتيجيات والصراعات الكبيرة ما يخفي موت السياسة في لبنان، وسط ندرة رجال الدولة وكثرة رجال السياسة والثرثرة السياسية.