تحولت الحكومة في الايام القليلة الماضية الى مشروع استقالة جراء انعدام الحلول التي بوسعها استخدامها للخروج من نفق النفايات الى حد القول ان مساعي الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط مع الرئيس تمام سلام الى تجميد الاستقالة ولو ساعات، خصوصا ان مجالات العمل بالاقتراحات التي تعنى بمطامر النفايات لا تبدو مقبولة من اية جهة، لها حساباتها الشعبية والسياسية قياسا على ما سبق حصوله مع مكب الناعمة (…)
اما القول ان هناك مطمرا جاهزا لاستقبال النفايات يقع في جبل ضهر البيدر، فهو كلام باطل حيث لا يعقل رمي النفايات في منطقة مرتفعة من الجبال التي تضخ مياها جوفية في مختلف الينابيع والابار الصالحة لمياه الشفة، فضلا عن ان التلوث الذي كان محصورا بالوادي سيتطور الى الهواء الذي يتنشقه اللبناني على اساس ان هواء المرتفعات اسلم واصح من اي هواء اخر بما في ذلك الهواء المصطنع من خلال المكيفات!
ان الكلام السياسي والاداري وحده لا يفي بالغرض، ولن يكون بوسع احد القول عنه انه يلبي حاجة مطلبية عامة، طالما بقيت الامور من دون تنفيذ، والمقصود في مجال الخلل الحكومي انه لم يعد واردا باستثناء ما قيل عن مشكلة التعيينات العسكرية – الامنية العالقة منذ وقت غير قصير، حيث لكل طرف مطالبه واسبابه التي يصر عليها لان مصالحه تقضي بذلك، والا لن يكون تعيين بل مجرد تجميد لهذا الموضوع على اساس التمديد لمن هم في السلك حتى اشعار اخر؟!
وما يقال في هذا السياق سيقال مثله عن امور اخرى لها علاقة بالوظيفة العسكرية والادارية والديبلوماسية وفي الحالين لن يكون بوسع الحكومة التصرف، طالما بقيت مقيدة بمطالب من تهمه مصالحه الشخصية، من غير حاجة الى انتظار اعاجيب سياسية تؤدي تلقائيا الى فرز المواقف على اساس من هو مع التعيين او من هو مع التمديد، لان كل الامور واردة في الحسابات السياسية التي تعني الجميع بلا استثناء، بما في ذلك استثناء هذه الوظيفة وتمييز وظيفة اخرى عنها!
ان الكلام السياسي صحيح من وجهة نظر اصحابه لانه يلبي مصالحهم، لكن عندما تصل الامور الى مصالح الاخرين يختلف الجو والكلام والتصرفات، ما يعني بالضرورة ان الحكومة ستكون امام مشروع استقالة في خلال وقت قصير، حيث لا معالجة رصينة للامور العالقة سياسيا، وهذا مرتقب في خلال جلسة مجلس الوزراء المرجاء من الثلاثاء الى الخميس (اليوم) من دون ان تظهر في الافق مؤشرات ايجابية، بعدما تخطت الحكومة الالية المقترحة لعمل مجلس الوزراء بحسب ما كان يصر عليه بعض الاطراف!
من هنا يفهم الجميع ان عليهم انتظارمفاجأة من جانب الرئيس تمام سلام الذي يجد نفسه مستهدفا بمستواه الشخصي وبمستوى الحكومة لان من هم في صلبها لم يعد يهمهم ماذا سنفعل للخروج من ازمة النفايات ان من خلال ضهر البيدر او اي ضهر اخر، حيث تكمن اهمية سياسية لمواقف الوزراء بمستوى اهمية من ليس في صلب الحكومة، من غير حاجة الى تفسير في المواقف المستجدة؟!
وما يقال عن الحكومة لا بد وان يقال مثله اكثر عن مجلس النواب الذي يعاني الامرين جراء الجمود المسيطر عليه، من دون حاجة الى حل تراجعي يسمح بفتح دورة استثنائية غير متفق عليها مهما تغيرت الاعتبارات السياسية، الى حد القول ان مجلسنا النيابي قد تحول الى ما يشبه الحكومة العاجزة عن اتخاذ اي موقف تشريعي وتنفيذي اي ان مجلس النواب اصبح عاجزا عن العمل حيث لا ارادة حتى الان لانتخاب رئيس جمهورية من غير حاجة الى التوقف عند الاعتبارات الشخصية!
لذا، لن تكون الحكومة حكومة قبل ان تعرف اين سيكون مطمر النفايات، ومجلس النواب لن يكون سلطة تشريعية قبل ان يعرف كيف ينتخب رئيسا للجمهورية، وفي الحالين، تبدو الامور مرشحة لان يشهد لبنان حالا من الفراغ في السلطة، من غير حاجة الى انتظار من يعترف بذلك لانه تحصيل حاصل؟!