Site icon IMLebanon

هل يضع قرار المجلس الدستوري الإستحقاق النيابي في مهبّ الريح؟

 

 

ترك قرار المجلس الدستوري بالأمس، وبعدما طال انتظاره، مجالاً واسعاً للتحليل ولقراءة ما جرى في الساعات الماضية من تطوّرات على الساحة الداخلية، ليتأكد بالملموس، وكما قرأت مصادر نيابية «محايدة»، بأن التفتيش عن مخرجٍ للإنسداد في المشهد السياسي كان هو الهدف، ولكن في ما بين سطور «أللا قرار» الذي صدر باعتبار قانون الإنتخاب سارياً، قد يكون الخطوة، التي تشكّل مقدمةً لتطيير الإنتخابات النيابية، من خلال رفع منسوب التباين حول القانون الإنتخابي، وإن كان رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب نفى أي تدخّلات سياسية في عمل المجلس.

 

وإذ اعتبرت المصادر نفسها، أنذلك قد يكون منطقياً لجهة ما حصل مع المجلس الدستوري، ومع رئيسه بشكل خاص، كشفت عن أجواء تشي بحصول تدخّلات، وقد أدّى ذلك إلى حصول تغيير في توجّهات أعضاء المجلــس، والتي كانت مــنذ أيام، مختلفة عما صدر بالأمــس. وبالــتالي، فإن كل ما تمّ تسريبه عن توافقٍ سياسي قد سُجّل بين المعنيين حول القانون، وعن تفاصيل أخرى سيتّضح تباعاً في الأيام القليلة المقبلة.

 

في هذا الإطار، تحدثت المصادر النيابية المحايدة نفسها، عن معطيات ظهرت في الساعات الماضية، تؤكد استمرار التواصل بين المكوّنات السياسية والحزبية للحكومة، من أجل إيجاد المخارج للخلافات الراهنة، لافتةً إلى خيارات عدة يتمّ درسها في الكواليس تمهّد لـ«صيغ بديلة» مهما تعقّدت الأمور وتنامت الخلافات، في ضوء ما يتمّ تسريبه عن إتصالات خارجية حصلت على خط المقرّات الرئاسية، بعد تردّد شائعات عن احتمال استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقد أجمعت الإتصالات على تقديم النصائح له بعدم الإقدام على هذه الخطوة في المرحلة الحالية الدقيقة، وهو ما قد يعمّق جرح الملف اللبناني، وينذر بخلافات طائفية ومذهبية، بعدما وصلت التباينات إلى الجسم القضائي، كون ذلك يستحضر التجارب السابقة وينهي ما تبقّى من أســس الدولة اللبنانية.

 

وعندها سوف يكون من الطبيعي أن يدفع اللبنانيون أثماناً باهظة جراء تطيير الإستحقاقات الدستورية، مع ما يعنيه ذلك من احتمال وخطر دخول البلد في عزلة دولية كاملة، وما سوف يرتّب ذلك من مصاعب إقتصادية واجتماعية وحياتية تضاف إلى الواقع الحالي المأساوي.

 

من هنا، فإن المصادر النيابية ذاتها، وبعد التطوّر المتمثّل بما صدر عن المجلس الدستوري بالأمس، تعتبر أن بقاء التطوّرات على حالها من المسار الدراماتيكي الذي تسلكه، سيضع الإستحقاق الإنتخابي النيابي في مهبّ الريح، وصولاً إلى تصعيدٍ سياسي غير مسبوق، مع العلم أن المشهد لن يتبدّل قبل انقضاء العام الحالي، بمعنى أن هناك عقداً أساسية لا زالت قائمة، وتمنع أي تطوّر إيجابي في المدى المنظور، ولذا فهي قد تحتاج من أجل تذليلها، إلى مضاعفة الجهود الداخلية كخطوة أولية، ولكل تدخل خارجي يؤدي إلى وضع الأزمات والخلافات على سكّة الحلول، وبالتالي، الحدّ من كل المحاولات الجارية للإلتفاف على التغيير الذي ستدفع باتجاهه الإنتخابات النيابية.

 

الى حرب المراسيم درّ …. هل انقلب مشلب على الرئيس عون؟ ميقاتي يُسقط الصفقة …. منصب مدعي عام التمييز أصل المشكلة والعلّة؟ – ميشال نصر

 

كما كان متوقعا بعد يوم الاثنين الماراتوني الطويل، ظهرت النتيجة ظهر امس ،دون مفاجآت تذكر ففازت عين التينة وخسرت بعبدا ومن خلفها البياضة، وان لم يكن بالضربة القاضية، ليخرج الشعب منتصرا على تناقضات خلافات الطبقة فيما بينها، غانما وفاة المقايضة الخطيرة التي كان يجري العمل عليها بين بعبدا والثنائي لفك اسر مجلس الوزراء،ولينتقل الصراع الى مرحلة جديدة باسلحة اخرى.

 

واضح ان ايا من الافرقاء لم يرد الدخول في مواجهة مباشرة مع الخارج «اللاطي عالكوع»، فكان «ميني ربط نزاع» بين الثنائي الشيعي وفريق العهد بعدم افقاد المجلس الدستوري النصاب، وبالتالي عدم التوصل الى قناعة دستورية بوجوب قبول الطعن،فغسل بذلك الجميع يده من دم الانتخابات، «دافنين مع اللاقرار» مؤسسة رسمية جديدة تنضم الى «رفقاتها» التي باتت خارج «الخدمة» الى ان تقوم القيامة، وهو في كل الاحوال ما ظهر جليا بين اسطر اسف الرئيس طانيوس مشلب «المحسوب عا بعبدا».

 

وعليه، فان البلاد دخلت مرحلة جديدة ،من «التوازنات المكسورة» والخطوات المعلومة لجهة عدم توقيع رئيس الجمهورية لمرسوم دعوة الهيئات الناخبة ،ما ما قد يستتبعه ذلك من تعديل للمهل،والاهم من امكانية تكرار تلك السابقة،بعدما كرستها الانتخابات الفرعية عرفا، مرة جديدة في ايار،على ان يملئ الفراغ حتى تاريخه حكومة باتت في حكم تصريف الاعمال بحكم الامر الواقع «شاء من شاء وابى من ابى»، فالمواجهة بين عين التينة وبعبدا لن تتوقف الى «ان يكسر احدهما الآخر»، ولو»بدا تشتي كانت غيمت اساسا».

 

ولكن كيف وصلت الامور الى هذه النقطة؟ في الكواليس، كانت الاتصالات شغالة بقوّة،حيث يروي احد المشاركين في المفاوضات ان كلا من الافرقاء المعنيين لم يكن على ثقة بالآخر،بل كانت القناعة بان ثمة من يضع الالغام والعصي في دواليب التسوية من الطرفين، الى ان وصل التفاوض الى طرح اسم المدعي العام المالي،والذي شكل «قميص عثمان» الفشل،علما ان العقدة الاساسية كانت في منصب المدعي العام ومن سيرث المنصب ،وفقا لحسابات الاطراف المختلفة، وهو ما يفسر قول رئيس الحكومة غاضبا وهو يغادر عين التينة «نحنا مش معنيين بالتسوية»،فهل اطاح بذلك بالتسوية؟

 

غير ان هذا المشهد السوداوي ممكن ان ينقلب في اي لحظة،ففي لبنان كل شيئ ممكن متى فرضت التسويات ،حيث تتحدث المصادر ان النتيجة التي انتهت اليها الجولة الحالية ممكن تعديلها في حال اعادة العمل بالتسوية،من خلال العودة الى مجلس النواب لاقرار التعديلات على قانون الانتخاب التي ترضي التيار الوطني الحر،مقابل السير بقانون حصر صلاحية التحقيق مع الوزراء والرؤساء بمجلس النواب والمحاكمات «بالاعلى لمحاكمة الرؤوساء والوزراء»،ما يعني طي صفحة مطلب «البرتقالي» تطيير تصويت المغتربين لـ128 نائبا، اما «قبع» عبود والبيطار وحاكم «المركزي» رياض سلامة والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والمدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، فيتم تجاوزُه، كاشفة عن مبادرة يجري الاعداد لها في هذا الخصوص، على ان تطرح على الطاولة بعد الاعياد ،بعد جس نبض الاطراف من هكذا طرح خلال عطلتي الميلاد وراس السنة.

 

ولان الامور «وجهة نظر»،فانه بالنسبة للشعب «البسيط»،خرج المجلس الدستوري «بطل» من المواجهة،في قراره معاندة السلطة السياسية وكسرها عبر ابقاء حق المغتربين في الاقتراع للـ128 نائبا بدل من ستة، وللاكثر «تسييسا وحربقة» هو الحظ الذي افاد اللبناني نتيجة جملة من الاعتبارات المحلية والاقليمية والخلافات والانقسام بين الاطراف الذي خرّجه المجلس الدستوري بطريقة «كلاس»،وبين الاثنين اؤلئك المقتنعين بان ما كتب قد كتب و»الجميع كومبارس» في المسرحية التي ستطول فصولها الى…. ان يكتب المخطط امراً كان مفعولا….