الوضع الميداني يحدِّد آلية التنسيق مع الجيش السوري.. والطوق بات مُحكَماً علی «داعش»
أداء الجيش اللبناني في معركته على الإرهاب تحت المجهر الأميركي والأوروبي لتحديد مسار العلاقة في المراحل المقبلة
تتجه الأنظار هذا الاسبوع الى حدثين ذا أهمية على المستويين الوطني والشعبي وهما باتا يحتاجان الحسم، الأول يتعلق بإنهاء الحالة الشاذة التي يمثلها تنظيم «داعش» على «السلسلة الشرقية» للحدود اللبنانية – السورية وعلى وجه الخصوص في جرود القاع ورأس بعلبك، والثاني في ما يتعلق بسلسلة الرتب والرواتب التي أقرها مجلس النواب حيث بات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على قاب قوسين أو أدنى لحسم خياره في أن يوقع المرسوم الذي أحالته اليه الحكومة في هذا الخصوص أو أن يرده الى مجلس النواب بناء على الصلاحيات التي أناطها الدستور به..
علی مستوى الحدث الأول يبدو أن قرار الحسم قد اتخذ وأن تأخير المعركة يعود لأسباب لوجستية يقدرها الجيش اللبناني الذي أوكلت اليه تنفيذ هذه المهمة لاعتبارات ظهرت بشكل واضح وصريح بعد المعركة التي خاضها «حزب الله» ونجح فيها في القضاء على تنظيم النصرة في جرود عرسال، وكان المجلس الأعلى للدفاع واضحاً بهذا الخصوص حيث أكد ان هناك قراراً سيادياً للجيش لتنفيذ معركة الجرود من دون التنسيق مع أية جهة غير رسمية، هذا بالاضافة الى رغبة المسؤولين عن اتخاذ قرار خوض المعارك في معرفة مصير العسكريين المخطوفين وربط أي عملية تفاوضية لرحيل مسلحي «داعش» على غرار التسوية التي حصلت بخصوص مسلحي «النصرة» بالكشف عن مصير هؤلاء العسكريين.
ووفق المعطيات بأن تحضيرات الجيش قد اكتملت للبدء في تنفيذ مهمة القضاء على «داعش: وأن القيادة تنتظر تحديد ساعة الصفر بعد أن صبح القرار السياسي بهذا الشأن متخذاً وراسخاً عند الجميع، في مقابل أن حزب الله والجيش السوري في الجهة المقابلة من هذه الجرود قد أنهيا تحصين مواقعهما للمشاركة في هذه المعركة من دون أن يكون هنك أية غرفة عمليات عسكرية مشتركة وإن كانت الوقائع الميدانية ستفرض على الجانبين تبادل المعلومات أو تقديم يد العون طالما الهدف هو واحد طرد تنظيم «داعش» من الجرود على جانبي الحدود والقضاء على المسلحين الذين يقدر عددهم بالمئات، لا سيما وأن كل المعلومات تؤكد بأن عناصر هذا التنظيم باتوا في وضع لا يحسدون عليه إذ أن الترتيبات العسكرية التي اتخذت من الجانب اللبناني والسوري جعلتهم بين فكي كماشة ومطوقين من كل الجهات و ما يحمل البعض من العسكريين على الهرب الى مناطق أخرى في حين ان البعض ممن لم يتخذ القرار بالمعركة حتى النهاية ما زل يميل الی إجراء محاولة ما تفضي الى حصول تسوية تجنبهم المعركة الخاسرة التي هم بصدد خوضها.
وتؤكد مصادر متابعة في هذا السياق أن المعركة في الجرود واقعة لا محال، الا اذا أقدم تنظيم «داعش» – وهو أمر مستبعد – على كشف مصير العسكريين وبالتالي إبرام تسوية يخرجون في ضوئها من الجرود الى أماكن تواجدهم داخل الاراضي السورية، أما من الجهة المقابلة فإن هذه المصادر تؤكد بأن الجيش السوري قد أخذ قراره بالقضاء على عناصر «داعش»، وأنه لا يمانع في تقديم أي مساندة للجيش اللبناني في حال تم طلب ذلك منه، أو أن الوقائع الميدانية فرضت ذلك طالما الهدف واحد.
وفي تقدير المصادر أن بحر هذا الاسبوع سيكون حاسماً في تحديد مسار هذه العملية العسكرية التي ستكون محط متابعة على المستويين الإقليمي والدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية التي سارعت في اليومين الماضيين الى ايصال مساعدات عسكرية الى الجيش اللبناني لإستخدامها في هذه المعركة.
أما على مستوى سلسلة الرتب والرواتب فإن رئيس الجمهورية اقترب من أخذ القرار الذي ما زال غامضاً، وفي هذا السياق تؤكد مصادر متابعة بأن رئيس الجمهورية يفكر في اتخاذ قرار على قاعدة لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم، بحيث أن هناك أفكاراً تطرح الغاية منها إقرار الموازنة ومعالجة الشكوى من الضرائب والرسوم التي فرضت لتمويل السلسلة من خلال الأموال التي ستتوفر من اقفال بعض أبواب الهدر والسمسرات ، مشيرة الى ان اتصالات ولقاءات مكثفة ستجري في أكثر من موقع لإتخاذ القرار الذي يحافظ على أموال الخزينة وفي المقابل إعطاء الموظفين والمتقاعدين حقوقهم التي ينتظرونها من هذه «السلسلة» منذ سنوات، مؤكدة بأن رئيس الجمهورية يرغب في حصول بعض التعديلات التي تراعي هذين الهدفين، وقد ألمح الى إمكانية هذا الطلب تكتل التغيير والإصلاح في جلسته أمس الذي تمنى أن تحصل مبادرة بهذا الموضوع لخلق تفاهم سياسي، مع تشديده على ضرورة المحافظة على حقوق الناس والتوازن بين «السلسلة» والإيرادات، غير أن مصادر نيابية أكدت أن رئيس الجمهورية أمام خيارين لا ثالث لهما وفق الدستور فهو إما أن يرد مشروع «السلسلة» الى المجلس أولاً، أما بشأن التعديلات فلا يحق له إلا بعد أن يرد المشروع معللاً ذلك بطلب حصول تعديلات، وبالتالي يعود للمجلس وحده القرار الذي يتخذه بأكثرية 65 نائباً، مشددة على أنه ورغم أن المدة المتبقية لرئيس الجمهورية لاتخاذ القرار بدأت تضييق، فإنه لا شيء محسوماً بعد وأن هذا الأسبوع ربما يكون حاسماً في هذا الخصوص.