IMLebanon

قرار عودة سوريا إلى الجامعة بات متخذاً… ولكن هل يحضر الأسد قمة بيروت أو تونس؟

 

حكومة خلال أيام على قاعدة ممثل لـ «اللقاء التشاوري» في «تكتل لبنان القوي» تماهياً مع نموذج «الطاشناق»

 

 

عون يُراهن على حضور وازن وعلى عودة العرب إلى الاستثمار  في لبنان ولن يغامر بـ «دعسة ناقصة»

 

عادت الأجواء الإيجابية في شأن تأليف الحكومة إلى الواجهة مجدداً. الكلام الدائر لدى المعنيين أنها مسألة أيام، وأن تقدماً فعلياً حصل في مسار حل عقدة تمثيل النواب السنّة الستّة المحسوبين على قوى «الثامن من آذار»، التي أطاحت مرتين بولادة الحكومة في اللحظة الأخيرة. البحث انطلق من النقطة التي توقّف عندها: «الوزير الملك» (التوصيف أطلقه رئيس مجلس النواب نبيه بري)، يُسمّيه «تكتل السنّة الستة» (اللقاء التشاوري) على أن يكون في عداد «تكتل لبنان القوي» على غرار نموذج حزب «الطاشناق» الذي يُمثّل الأرمن، لكنه يُحتسب من حصة رئيس الجمهورية وتياره.

يقول مطلعون على مجريات التسوية إنها تطلبت بداية توافقاً سياسياً رباعياً بين ثنائي «حزب الله – أمل» و«تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» قبل الانتكاسة. وهي اليوم رهن قرار سياسي كبير لإعادة ترتيب التفاصيل بين «الرباعي» المذكور لولادة الحكومة. أما ماهية القرار السياسي الكبير، فكل يقرأه من زاويته. لا تعود الأسماء مهمة، سواء أكان جواد عدره – الذي ذهب ضحية «التخريجة الخاطئة» – أم أحد المرشحين من قبل أعضاء «اللقاء التشاوري»، أم اسم جديد يتقاطعون عليه. ففي صلب الموضوع، ثمة أكثر من وديعة ضمن حصة رئيس الجمهورية وتياره، تضمن عدم حيازته «الثلث المعطل» إذا ما اقتضت الضرورة ذلك. هذا أقله هو الاعتقاد السائد لدى «حزب الله»، والاسم  الذي يأتمن جانبه هو وزير مسيحي من أولئك المقرّبين المحسوبين على الجنرال.

واللافت في غمرة التفاؤل، دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري، في لقاء الأربعاء النيابي، حكومة تصريف الأعمال إلى الاجتماع استثنائياً لإقرار مشروع موازنة العام 2019. الأمر الذي رآه البعض تعبيراً عن تشكيك بقرب تأليف الحكومة، أو بمخاض عسير لبيانها الوزاري في حال تشكّلت، فيما أدرجها البعض الآخر في خانة الحث على الإسراع في التأليف وتجنب تكريس مزيد من السوابق التي تُمعن في ضرب أسس الدستور.

ما بدا لافتاً أيضاً، ذهاب القوى المقرّبة من محور دمشق – طهران إلى خلق «توتير سياسي»  من خلال مواقفها الضاغطة في اتجاه دعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى القمة الاقتصادية التي ستُعقد في بيروت في التاسع عشر من كانون الثاني الجاري، رغم يقينها من حساسية هذا الموضوع داخلياً. مواقف تصبّ في إطار «تقديم أوراق اعتماد»  لدمشق و«التسابق في المزايدات» على خطب ودّها، لدرجة أن وزير المال علي حسن خليل اعتبر أن «لا قيمة لقمة بيروت إذا لم تكن سوريا حاضرة فيها»، في وقت يُدرك خليل، ومعه «حزب الله» وحلفاء سوريا، أن دعوة الأسد ليست قراراً بيد رئيس الجمهورية إنما بيد الجامعة العربية.

تجميد عضوية سوريا حصل خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة في تشرين الثاني 2011، بـ 18 صوتاً مقابل رفض لبنان واليمن (وسوريا بالطبع) وامتناع العراق. القرار قضى حينها بتعليق مشاركة وفود سورية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، حتى قيامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها وتوفير الحماية للمدنيين السوريين. وبالتالي، فإن إنهاء التجميد أو العودة عن هكذا قرار يحتاج إلى قرار آخر من مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية وليس بالضرورة مستوى رؤساء القمة، ولكن هذا يتطلب توافقاً عربياً واسعاً.

في واقع الأمر، ليس في ميثاق الجامعة العربية ما يُسمى تجميد عضوية. هناك فصل كامل من الجامعة، يحتاج إلى إجماع الدول الأعضاء (المادة 18). المرّة الأولى التي جرى فيها تجميد عضوية دولة عربية كانت حين وقّعت مصر «اتفاقية كامب دايفيد» عام 1978، حيث تم نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس في 1979، إلى أن أعادت الدول العربية لاحقاً العلاقات مع مصر وأعيد مقر الجامعة إليها.

ما يقوله محيط فريق رئيس الجمهورية أن العماد ميشال عون يُعلق آمالاً على القمة من أجل حضور عربي وازن يُعيد تعزيز العلاقة مع الدول التي تعهدت بمساعدة لبنان من خلال مؤتمر «سيدر»، وتحفيزها من جديد على العودة إلى الاستثمار العقاري وإلى رفع حظر مجيء رعاياها إلى لبنان. وبالتالي، فإن أي «دعسة ناقصة» في هذا الموضوع من شأنها أن تُفشل القمة على مستوى المشاركة. هذه مسألة ليست واردة، بمعزل عن موقف عون المؤيد لنظام الأسد في إطار العلاقات الثنائية.

ما يرفع منسوب التوقعات باحتمال اتخاذ قرار إنهاء تجميد عضوية سوريا هو الاتجاه  لدى العديد من الدول العربية إلى استعادة دمشق إلى الحضن العربي. في معلومات أوساط الخارجية اللبنانية أن المغرب والجزائر وتونس والعراق والأردن ومصر أبلغوا لبنان رغبتهم في عودة سوريا إلى الجامعة، وأن ذهاب الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق وإعادة  فتح سفارتي الإمارات والبحرين، يُؤشّران إلى عدم ممانعة سعودية، وإلى أن المناخ العربي حيال نظام الأسد قد تبدّل، لجهة قرار مقاطعته وعزله.

لكن الأمر الذي لا يزال غير واضح يتمثل في ما إذا كان الاتجاه السائد عربياً هو في طرح إنهاء تجميد عضوية سوريا خلال اجتماع وزراء الخارجية الذي سينعقد في الثامن عشر من الشهر الجاري عشية بدء القمة في التاسع عشر، وبدء سريان مفعول ذلك فوراً، بما يعني طلب الأمانة العامة من لبنان توجيه الدعوة إلى سوريا لحضور القمة الاقتصادية، أم أن بدء سريان ذلك سيلي قمة بيروت، فتستأنف مشاركة سوريا في اللجان خلال الشهرين المقبلين قبل موعد القمة العادية في آذار المقبل في تونس؟ أم أن الموضوع برمته سيتم تأجيله إلى ما بعد قمة بيروت وقبيل قمة تونس؟ فهو أيضاً ليس قراراً مفصولاً عما يجري في سوريا من تطورات نتيجة الإعلان الأميركي عن قراره الانسحاب من شرق الفرات، ومحاولات اللاعبين من روسيا وتركيا وإيران تحسين مواقعهم، في وقت يشعر فيه العرب أنهم بخروجهم من سوريا أخلوا الساحة للآخرين، وأن عودتهم قد تعيد نوعاً من غياب بات مطلوباً لبدء مسار التوازن الذي  سيكون مساراً طويلا وصعباً ومعقداً.!