عشية انعقاد الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية الإقتصادية والإجتماعية في بيروت، تفاوتت التوقعات لمدى فاعلية هذا الحدث على الداخل اللبناني، وبشكل خاص، على الواقع الإقتصادي المتردّي. وبينما سجّلت مصادر مواكبة ارتفاع كلفة انعقاد القمم بشكل عام، معتبرة أن هذه الكلفة تبدو غير ذات أهمية مقارنة بالنتائج الإيجابية المتوقّعة لهذا الحدث الإقتصادي، فإن أوساطاً وزراية لاحظت أن الآمال المعقودة على نتائج هذه القمة الإقتصادية، ستصطدم بالمعطيات الميدانية التي لن تشهد تغييرات جوهرية على مستوى الإرتدادات على سائر القطاعات التنموية والإجتماعية في لبنان. واعتبرت أن اعتذار أكثر من شخصية عربية عن الحضور، هو مؤشّر على أن الإفادة اللبنانية من المشاريع والإستثمارات العربية في القطاعات الإقتصادية اللبنانية، تبدو ضئيلة جداً، وبالتالي، فإن العنوان الأساسي للقمة اليوم لن يتخطّى إدراج إسم بيروت مجدّداً في الأجندة العربية، وهو كسب معنوي أكثر مما هو اقتصادي.
واستدركت الأوساط الوزارية نفسها، موضحة أن الجدل وأجواء التشنّج التي رافقت التحضيرات لهذه القمة، قد عملت على تفريغها من كافة مضامينها، لا سيما بعدما تبيّن أن الإشتباك السياسي قد تجاوز بارتداداته السلبية أي انعكاسات إيجابية لهذه القمة على الساحة اللبنانية. وأضافت، أن القمة التي تنعقد على وقع غياب الحكومة الجديدة، وبمواكبة حكومة تصريف الأعمال، لا يمكن أن تنبئ بأي تغييرات في الأزمات الإقتصادية والمالية والتنموية، خصوصاً في ظل التوقيت المتزامن مع لحظة إقليمية مضطربة، تبدو فيها المنطقة على أهبة عملية خلط أوراق واسعة مجهولة النتائج من قبل العديد من القيادات والشخصيات العربية، وذلك، بسبب عدم توقّع مستقبل التكتّلات والتحالفات في المنطقة والمعسكر الذي سيمتلك القرار النهائي في التسويات المرتقبة.
وأكدت الأوساط نفسها، أن غياب العديد من الرؤساء والزعماء العرب، واعتذار بعضهم في اللحظة الأخيرة، من شأنه أن يؤثّر على حجم الدعم العربي المرتقب للمشاريع التي تستعدّ لها الهيئات الإقتصادية اللبنانية، كما المؤسّسات الرسمية، ذلك أن مستوى الفوائد الإقتصادية قد يشهد تدنّياً فيما لو تراجعت المساهمات العربية، مع العلم أن بعض هذه المساهمات سيخصّص فقط لدعم النازحين السوريين في لبنان، خصوصاً وأنها قضية تعني العواصم العربية بشكل عام، وما زالت موضع متابعة من المجتمع الدولي، وبشكل خاص من الإتحاد الأوروبي.
وفي السياق نفسها، لم تتوقّع الأوساط عينها، أن يحمل البيان النهائي أي طابع سياسي، خاصة وأن صفة القمة العربية هي تنموية في الدرجة الأولى، وبالتالي، فهي لن تتجاوز مسألة التنمية المستدامة والسياسات العربية المتّبعة من أجل تحقيقها في الدول العربية. ولفتت الأوساط، إلى أنه سيكون لهذه القمة تأثير لافت لجهة إعادة تحريك الوضع الإقتصادي، وإشاعة مناخات مشجّعة على الإستثمار، ولكن من دون أية حسابات مسبقة حول ما سينتج عن القرارات التي ستصدر عن المجتمعين، والتي قد لا تسلك طريقها نحو التنفيذ في وقت سريع.