Site icon IMLebanon

أزمة «المرسوم» رأس جبل الجليد بين عون وبري

 

الخلافات تكبر من الصلاحيات إلى النفط إلى قانون الإنتخاب

 

ليس هناك في الأفق ما يوحي بحصول انفراج على صعيد الأزمة المتفاقمة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن ما يُسمى «مرسوم الأقدمية»، بعد تعثر الوساطات التي بُذلت لتقريب المسافات بين الرجلين، الأمر الذي طرح علامات استفهام حول الأهداف الكامنة وراء تجدد الصراع بين الرئاستين الأولى والثانية بما يتصل بهذا المرسوم وأمور أخرى، كان رئيس الجمهورية واضحاً عندما قال أمس، لوفد قيادة الجيش، إن الصراع الدائر يتعلق بموضوعات سياسية لا علاقة لها بهذا المرسوم. وهذا إن دلّ على شيء, فإنما يدلّ على أن وراء الأكمة ما وراءها وبالتالي فإن قضية المرسوم ما هي إلا رأس جبل الجليد بين الرئيسين عون وبري، حيث أن الخلاف يتجاوز ترقيات لبضعة ضباط، ليصل إلى حدود الصلاحيات التي تشكل جوهر الأزمة القائمة، إلى ما يتعلق بقضية النفط والتعيينات وما بينهما من ملفات كانت ولا تزال محور هذا الصراع المتمادي الذي ينذر بانعكاسات بالغة السلبية على الأوضاع الداخلية ويهدد جدياً التركيبة الحكومية ويضع مصير التسوية على كف عفريت.

وقد كان رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط واضحاً في التحذير من استمرار الخلاف بين بعبدا و»عين التينة»، لأنه يدرك مخاطره على البلد وما يشكله من تهديد مباشر على الاستقرار السياسي القائم. ولهذا دعا إلى ضرورة معالجته تجنباً لمضاعفاته، سيما وأن المعطيات المتوافرة لدى رئيس «الاشتراكي» لا توحي بقرب الانتهاء من هذه الأزمة ما لم يحصل تنازل من الطرفين يعيد الأمور إلى نصابها ويخفف الكثير من المعاناة على البلد والناس.

وفيما أشاع خروج رئيس الحكومة سعد الحريري عن صمته بما يتصل بالأزمة المستجدة بين الرئيسين عون وبري اجواء من شأنها تحريك الملف، فإن أوساطاً نيابية مقربة من رئيس «تيار المستقبل» تشير لـ»اللواء»، إلى أن الرئيس الحريري حريص على التهدئة بين الرئاستين الأولى والثانية وهو سيقوم بكل ما يستطيع من أجل وضع الأمور على السكة، إفساحاً في المجال أمام تسوية على الطريقة اللبنانية للخلاف القائم بشأن مرسوم الأقدمية، بما يحفظ الحقوق للجميع ولا يشكل انتصاراً لفريق على آخر، مشددةً على أن مطلع العام الجديد، سيشهد تزخيماً لحركة الاتصالات التي سيتولاها الرئيس الحريري وقيادات سياسية من أجل تقريب وجهات النظر وتجاوز الأزمة القائمة التي لن تكون في مصلحة أحد، وبالتالي فإن لا مفر أمام الجميع إلا بسلوك طريق التهدئة والحوار لتحصين التسوية التي يعيش لبنان في ظلها منذ أكثر من عام، والتي أثمرت إنجازات هامة للحكومة الحريرية، كان أبرزها إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية والقيام بسلسلة تعيينات أمنية وإدارية، وهذا يتطلب من المسؤولين والقيادات السياسية الحفاظ على الأجواء الوفاقية القائمة لتثميرها وزيادة الإنتاجية أكثر فأكثر، بما يمهد الطريق لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، تأكيداً على الممارسة الديموقراطية ودحضاً لكل الشائعات التي يروجها البعض بتأجيلٍ محتمل لهذا الاستحقاق، من خلال القول إن الخلاف بين الرئيسين عون وبري في حال إطالة أمده وتشعبه، فإنه سيكون أحد الأسباب التي ستدفع إلى تأجيل الانتخابات، لاعتبارات سياسية تتعلق بالأوزان والأحجام، وهذا ما يجب مواجهته بتعزيز الوفاق الداخلي والإصرار على إزالة كل العقبات التي يمكن أن تعترض إجراء هذه الانتخابات في موعدها الدستوري المحدد.

وتعرب الأوساط النيابية عن اعتقادها بأن هناك مخارج عديدة لهذه الأزمة المتصلة بمرسوم الأقدمية، قد يتم اللجوء إليها في المرحلة المقبلة، لتفادي مزيد من الانقسام الذي سيرخي بثقله على المشهد الداخلي ويؤثر بالتأكيد على العمل الحكومي، بعد الحديث عن إمكانية اعتكاف وزراء حركة «أمل»، إذا أصرّ رئيس الجمهورية على موقفه، الأمر الذي سيخلق مشكلات لن يكون من السهل تجاوزها، ما سيدخل البلد في مرحلة جديدة من التعقيد لا تساعد العهد على إنجاز الالتزامات التي تعهد بها في خطاب القسم، وستعزز أكثر حالة الاصطفاف الطائفي الذي سيغذي الانقسامات الموجودة ويدخل لبنان مجدداً في عنق الزجاجة، ما يضع الجميع أمام الحائط المسدود ويشرّع البلد على شتى الاحتمالات.