Site icon IMLebanon

هزيمة إيران.. في «روسيا» الأسد

لا فرق بين أطفال سوريا الذين يُنتشلون توالياً من تحت أنقاض غارات الممانعة، وبين أترابهم من الأطفال الذين سبقوهم إلى الركام نفسه تحت أنقاض الغارات الإسرائيلية.. كلهم «عمران»، أطفال سوريا وقبلهم أطفال غزة وقانا، وإن تعددت الأسماء يبقى الإجرام واحداً لا ينفك يغتصب الدماء تلو الدماء ولا يستثني طفلاً ولا أهلاً ولا كهلاً ولا يشبع بطشاً ولا نهشاً بلحوم البشر على مر عصور الإرهاب المتمددة من إسرائيل إلى إيران ومحورها المقاوم الممانع. 

هو الموت العربي العبثي تنازع إيران إسرائيل حصريته في المنطقة، وتؤكد سوريا كل يوم أنه مجاني يسلب مئات آلاف الأرواح من دون أفق ولا ربح ولا خسارة.. الموت للموت ما تقود طهران إليه السوريين واللبنانيين والعراقيين واليمنيين وكل من يمت لحرسها الثوري بصلة ميليشياوية طمعاً بتعويم عرشها الإمبراطوري التوسعي على بحر من الدماء المتدفقة على امتداد الخارطة العربية.

طهران تعلم أنها لن تنتصر في سوريا مهما تأبطت مخالب الدب الروسي. بالأمس هلّل أتباعها لدخول الروس أرض المعركة السورية قبل أن يعودوا ليدركوا متأخرين أنّ الاستنجاد بموسكو لم يؤتِ أكله بل هو سحب «اللقمة» السورية من فم المرشد إلى فم القيصر. واليوم ها هم يهللون لتمركز القاذفات بعيدة المدى الروسية من طراز «تو-22 إم3» و«سو – 34» في قاعدة همدان الإيرانية للانطلاق منها في رحلات قصف وتدمير جديدة للمناطق السورية، لكنهم سيدركون متأخرين أيضاً أنّها مجرد «تفليسة» ممانعة أخرى تحاول إيران من خلالها إدارة خسائرها في سوريا والحد منها حتى ولو كلفها الأمر التنازل عن بعض من سيادتها العسكرية لروسيا. 

فقرار يتغاضى عن المحظور في الدستور كقرار السماح لقاذفات بوتين بالتموضع على الأراضي الإيرانية، لا مغالاة في اعتباره إقراراً غير مباشر من طهران بانهزامها أمام موسكو في سوريا.. هزيمة بدأت مذ أن جلبت الدب الروسي إلى كرمها السوري وسلمته دفة المعركة، حينها ظنت أنها ستستطيع أن تفعل بالقوات الروسية في سوريا كما فعلت بالقوات الأميركية في العراق، تمتطي دباباتها لتمشط بها الأرض وتعبدها قبل أن تعود لتنقض عليها تفجيراً وترويعاً لتطردها خارج الملعب. لكنّ دهاء القيصر كان أكبر وأشد مكراً من مكر المرشد، فما أن استلم الأول دفة الشطرنج السورية حتى حوّل الثاني إلى مجرد بيدق على ساحتها ويكاد اليوم يحوّله إلى مجرد ملحق إيراني عسكري للروس في همدان.

قاتلت طهران للانتصار في «سوريا الأسد» فقَتلت وقُتلت واستقتلت لحجز مقعد أمامي على طاولة الكبار حين يحين أوان التفاوض على مستقبل الحكم السوري، واليوم انهزمت في «روسيا الأسد» واستسلمت لها بعدما اقتنعت في قرارة نفسها أنها باتت على المقاعد الخلفية على الطاولة فأعلنت ذلك للأميركيين والعالم بقرار فتح قواعدها العسكرية للقاذافات الروسية.. لعلها بالتموضع خلف الروس يصيبها نصيب من فتات الكبار فتحفظ بعضاً من ماء وجهها الذي هُدر على مذبح قتال الشعب السوري.