IMLebanon

تعريف الإرهاب

لا تزال مسألة تعريف الإرهاب الدولي أسيرة الخلافات المتواصلة بين الدول، ما تعذّر، لغاية اليوم، اصدار أي نص موحد لهذا التعريف. وقد تعددت أسباب هذه الخلافات بين الدول، وتشعبت. ولعل أبرزها كان في إصرار دول الشمال (الأميركية والأوروبية) على ان اعمال الإرهاب الدولي يرتكبها الأفراد أو مجموعات الأفراد. ولكن دول الجنوب، في المقابل (أي دول العالم الثالث) تطالب بإضافة «إرهاب الدولة» إلى هذا التعريف.

ولكن حدث 11/9/2001 أطلق ما يعرف بالنظام المعولم لمكافحة الإرهاب الدولي. ويقوم هذا «النظام» على ركنين أساسيين: الاتفاقيات الدولية القاضية بهذه المكافحة (مثل القرصنة، وخطف الطائرات، والتمويل الإرهابي، والتفجير الإرهابي… الخ). أما الركن الثاني، فقد تمثل ـ ولا يزال ـ بالقرارات الدولية الملزمة بذاتها (لأنها صادرة بالاستناد إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة). وبالتالي فإن جميع دول العالم أصبحت ملزمة اليوم بالامتثال إلى هذه القرارات والالتزام بهذه الاتفاقيات الدولية.

وأصبح، بالتالي التصنيف الدولي للإرهاب الدولي هو الذي يلحظه القانون الدولي من خلال أحكامه الملزمة واتفاقاته السارية. أما في ما عدا ذلك فيبقى محصوراً بقرارات الدول ذاتها وبعلاقاتها الثنائية أو الدولية.

فالقرار 2249 الذي صدر في 20/11/2015 مثلاً استند إلى الفصل السابع من الميثاق ولحظ ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقمع الاعمال الإرهابية التي ترتكبها داعش والنصرة وفلول القاعدة.

وبذلك صنفت هذه المنظمات إرهابية تقتضي مكافحتها وبالتالي فإن تصنيف المنظمات الإرهابية عائد إلى الهيئات الدولية ذات الصلاحية. وليس متوقفاً على اعتبارات الدول ذاتها وعلى مصالحها.

وقد تتعدد التعريفات التي تعتمدها الدول في سياق علاقاتها الثنائية أو الدولية. فالاتحاد الأوروبي، مثلاً، اعتبر ان الجناح العسكري في «حزب الله» يقوم بأعمال إرهابية وهذا لا ينطبق على الجناح المدني السياسي فيه وعلى الرغم من التحفظ حول هذا التصنيف فإن دول الاتحاد الأوروبي قد اعتمدته، والإدارة الأميركية أصدرت قانوناً عن الكونغرس اعتبرت، بموجبه، «حزب الله» منظمة إرهابية. وقد بقي هذا القانون الداخلي ضمن النطاق المحلي ذاته.

ومؤخراً، قام مجلس التعاون الخليجي، بقيادة المملكة العربية السعودية، باعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية. وهذا يعني:

1ـ ان القرار الخليجي يتسم بالطابع الإقليمي الممتد على نطاق مجلس التعاون ذاته، ولا يكتسب أية صفة دولية ملزمة.

2ـ ان الإجراءات التنفيذية لهذا القرار قابلة للتكيّف التفصيلي الذي تعتمده كل دولة من أعضاء المجلس ذاته، وذلك لأن القرار عام ولأن مسألة التصنيف ذاتها لا تشمل الدول.

3ـ ان النتائج التي يمكن ان تسفر عن هذا التعامل المرتقب تقتصر على مصالح الأفراد المقيمين في هذه الدول أو العاملين فيها. ولا سيما الذين يتهمون بتقديم المساعدات أو بالتعاطف مع الحزب المذكور. فضلاً عن استخدام وسائل إضافية للضغط على الحزب.

4ـ ان التجربة التي خلص إليها الوفد اللبناني الرسمي الذي زار الولايات المتحدة مؤخراً أكد ان الإجراءات الزاجرة المرتقبة لا تتناول المصالح اللبنانية الاقتصادية العامة وانما تقتصر على حصرية التعاطي مع الحزب وأدواته فقط.

5ـ الواقع ان البواعث التي دفعت إلى اتخاذ هذا القرار الإقليمي الخليجي تتمثل بالتجاذب الإقليمي الحاصل حالياً، وبردود الفعل على ما يحصل في المنطقة الممتدة من لبنان إلى اليمن.

6ـ والخوف، على كل حال، ان يدفع اللبنانيون المعنيون، في الخليج، ثمن تنفيذ هذا القرار.

وان يتطور الأمر باتجاه تحالف دولي تصعيدي ضاغط في المستقبل.