IMLebanon

لغم أميركي في وجه مُفاوضات الترسيم؟

 

 

في الوقت الضائع بين طلب لبنان الرسمي من الولايات المتحدة الاميركية اعادة وسيطها «اموس هوكشتاين» الى العمل، لانقاذ ما يمكن انقاذه، تتكثف الاتصالات والتحركات بين الرؤساء والمسؤولين المعنيين بملف ترسيم الحدود البحرية للاتفاق على الموقف اللبناني النهائي الذي سيتم التشاور بشأنه مع الوسيط الأميركي، الذي سيمكث في بيروت 24 ساعة، قبل ان يغادر الى «تل ابيب»، حيث حدد موعد لاجتماع يعقد اليوم في بعبدا لوضع اللمسات الاخيرة على «الورقة اللبنانية»، بعدما مهّد امين عام حزب الله الطريق امام المفاوضات بابدائه مرونة لافتة وان بلهجة لم تخلو من بعض الحدة والتحذير.

 

واوضح ان امين عام حزب الله صعّد في كلمته ورفع السقف ، بعد الكلام الذي بدأ تداوله عن وجود صفقة انجزت منذ مدة في انتظار ساعة الصفر لاخراجها، لذلك كان لا بد للحارة ان تبين انها براء من ذلك، خصوصا ان حملات التشكيك في الفريق المفاوض جاءت من اهل البيت الواحد، رغم ادراك حزب الله بحسب مصادر متابعة، ان الامر لا يعدو حاليا كونه جزءا من الحرب الاعلامية والنفسية التي تخاض عشية «التراجع الاسرائيلي الشكلي» الذي جاء على لسان اكثر من وزير .

 

النقطة الابرز في كلام السيد انه وضع الحزب الى الطاولة، في تأكيده للجميع داخلا وخارجا، بأنه معني مباشرة بمسألة ترسيم الحدود البحرية، و»مواربة» بالمفاوضات التي ستجري، علما انه ابدى ليونة ظاهرة عند حديثه عن الخط 29 وعدم ممانعته بالتوصل الى حل ديبلوماسي ، طالما ان «الاسرائيلي» لم يباشر التنقيب في «حقل كاريش»، لان مباشرة السفينة لعملها تحتاج الى حدود الثلاث اشهر، وهي الفترة التي اجمع عليها الاطراف كمدة لانجاز الحل الديبلوماسي.

 

موقف لم يفاجئ الاوساط الديبلوماسية في بيروت التي قرأت مقدمته في نشرة اخبار المنار التي اكدت على ان «معادلة الردع قد بدأت مع تحديد وقت الخطاب الذي يعرف الجميع انه لا يفرط بحق ولا يساوم على قطرة نفط، ولا يستهيب عدوا ولا يخشى متكبرا سمي وسيطا او كان حقيقة ناطقا باسم الاحتلال».

 

غير ان الاهم من كل ما تقدم، ان ما قاله السيد جاء بمثابة رد واضح على كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من المطار ، الذي كان جازما بانه «شخصيا ليس على استعداد للقيام بأي عمل ارتجالي يعرّض لبنان للمخاطر. هذا الموضوع يحل بديبلوماسية عالية وبروية… والمسألة قيد الحل سلمياً»، وهو ما تقاطع بوضوح مع موقف بعبدا التي بدت اكثر غموضا في تعبيرها، حيث يبدو ان الاتفاق بين الرئاستين الاولى والثالثة منجز فيما خص ملف الترسيم، مع كشف معلومات ديبلوماسية عن ان الوسيط الاميركي سيطالب، بناء لرغبة ادارته، بورقة مكتوبة تكون بمثابة وثيقة، تجري على اساسها المفاوضات ، دون ان تحسم واشنطن حتى الساعة كيفية تعاملها في حال رفض الجانب اللبناني، مع تأكيد مصادر رئاسية بانه « لم يجر إعداد أي رد مكتوب ، وسندلي بملاحظاتنا شفهيا،غير ان لبنان على استعداد لتسهيل مهمة هوكشتاين المكوكية، كوسيط نزيه وفق اتفاق الإطار». فهل يكون ذلك اللغم الذي يُطيّر المفاوضات؟

 

بناء لكل ذلك، فان الزوبعة التي قامت خلال الايام الماضية ووصلت الى حدود الحديث عن حرب خلال ايام على الجبهة الجنوبية باتت خارج السياق، بعدما قال طرفي الصراع الاساسيين كلمتهما، محددان فسحة للمفاوضات، ما يعني ان الهدوء الحذر سيبقى سمة المرحلة المقبلة، وان شهدت الحدود بعض المظاهر المرافقة لبورصة المباحثات ، دون ان يعني ذلك خروج الامور عن السيطرة، وفقا لاوساط ديبلوماسية في بيروت، والا في حال لم تسر رياح الاميركيين كما تشتهي السفن اللبنانية، واذا ارادت «تل ابيب» السير في التنقيب من دون اتفاق، فعندها لكل حادث حديث.