يصح القول في مشهد التحضيرات السياسية والحزبية الجارية لصوغ تحالفات انتخابية، والمتزامنة مع انقلابات في اوساط «حلفاء الامس» وحت داخل البيت الواحد، وفي عز التقاربات التي تسجل في الساحة الداخلية بين بعض «اخصام الامس»، ان كل ما يمكن البناء عليه لخوض المعركة الانتخابية يمكن له ان ينهار، مع اطلالة اي ازمة سياسية تنشأ بين مرجعيات السلطة، ودائرة صيدا ـ جزين التي تجمع كل المرجعيات، واحدة من المعارك المعقدة المنتظرة، التي ستبقى حساباتها خاضعة لـ «باروميتر» العلاقات بين الرئاسات الثلاث.
دائرة صيدا ـ جزين الانتخابية، تشكل واحدة من الساحات السياسية الحافلة بالتعقيدات والمؤثرات الحزبية والانتخابية، وما يزيد من الاهمية التي تكتسبها، انها تجمع الاوزان السياسية الثقيلة، مع تأثير شعبي وانتخابي مباشر للرؤساء الثلاثة، وقوى وتيارات واحزاب وعائلات سياسية مؤثرة في الخارطة الانتخابية، تسعى فيها القوى والتيارات السياسية الى الوصول الى افضل صيغ من التحالفات الانتخابية التي ستكون معاكسة للتحالفات التي كانت قائمة، ويتصدرها في صيدا القوتان الاساسيتان «تيار المستقبل» بقيادة النائب بهية الحريري والتنظيم الشعبي الناصري بقيادة النائب السابق الدكتور اسامة سعد، مع تأثير للناخب الشيعي يتقاسمه «حزب الله» وحركة «امل» يمتد من صيدا الى قرى وبلدات جزين ذات الاغلبية الشيعية، ووجود سياسي وانتخابي للجماعة الاسلامية والدكتور عبد الرحمن البزري، اضافة الى الحالة الموالية للشيخ احمد الاسير الذي اصدر القضاء العسكري حكما قضى بالاعدام، على خلفية ملف احداث عبرا التي استهدفت الجيش اللبناني في العام 2013، اما في خارطة جزين الانتخابية، فيبرز «التيار الوطني الحر» الذي يشغل المقاعد النيابية الثلاثة، بعد «أستعادتها» في انتخابات صفقة الدوحة عام 2009، بعد ان كان مقاعدها ضمن حصة كتلة التحرير والتنمية التي يرأسها بري، يوم كانت جزين ضمن دائرة محافظتي الجنوب والنبطية في قانون «الاكثري».
مع التقارب «المستحدث» مع «تيار المستقبل»، بالتزامن مع تباعد الى حد القطيعة انتخابيا مع «القوات اللبنانية»، هل في حسابات «التيار الوطني الحر» السير نحو طلاق كامل مع كافة القوى والتيارات المسيحية باقطابها الثلاثة ، «القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب» و«تيار المردة»،، في مقابل تعزيز التحالف مع «تيار المستقبل» و«حزب الله»… والسعي الى تدوير زوايا مع الرئيس نبيه بري وحركة «امل»، بالرغم من النكسات السياسية، انسجاما مع السعي لتحقيق مكتسبات سياسية اكثر.
وعلى خط موازِ، هل يمضي «تيار المستقبل» في معركة «تصفية الحساب» التي اُعطيت شيفرة تُسمَّى «البحصة»، مع حلفاء كان معهم في موقع «الشراكة» الكاملة، وان كانت معركته متشعبة وتمتد من حزب «القوات اللبنانية» التي تشهد علاقته به تأزما علنيا، الى التصدعات الحاصلة مع حزب الكتائب و«جمع» من وزراء ونواب ومنظِّرين من «تيار المستقبل» وما عرف بقوى «14 آذار»، ام «يتريّث عن بقِّها»؟.
بلغ الحديث عن تحالف التيارين، «الوطني الحر» و«المستقبل»، مستوى الحديث عن تحالف استراتيجي في الانتخابات، «يُحرِّر» الطرفين من «المعاهدات والتفاهمات» التي يقيمانها، فـ«الغزل المستقبلي» بباسيل… زائر صيدا قبل ايام، دفع ببلدية صيدا وبناء لاشارة النائبة بهية الحريري، الى رفع لافتات ترحيب في الساحات العامة، في خطوة لم يسبق للبلدية ان اقدمت على مثلها مع وزراء وزعماء وسياسيين، وهنا تلفت الاوساط، الى ان معايير المصلحة السياسية والانتخابية ستحدد للطرفين الالية في اعتماد ذلك.
يكاد يتعامل «التيار الوطني الحر» مع حليفه «حزب الله»، يرى المتابعون، وكأنه في «الجيبة»!، لكنه يعي ان الامر ليس بهذه الصورة، وليس في حالة التحالف بين التيار و«المستقبل» ولا في حالة ان يكون الحليف الانتخابي للتيار خصما لـ«حزب الله»، في مواجهة حلفائه، كالتنظيم الشعبي الناصري الخصم السياسي لـ«المستقبل» في صيدا، فحسابات «الجيبة» لا تستند الى الواقعية التي ستفرض على «حزب الله» ان يكون وفيا لشبكة من الحلفاء تمتد على خارطة البلد، وهو لن يكون مقيَّدا انتخابيا مع «التيار الوطني الحر» بحلف قد يقيمه مع «تيار المستقبل»، الذي يخاصم الحزب في سياساته وبخاصة في ملف المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الاسرائيلي ودوره العسكري المستمر في سوريا منذ خمس سنوات، ومواقفه من حرب اليمن التي تخوضها السعودية، التي كانت قبل ازمة استقالة الحريري مرجعية «المستقبل»، ولن تجد القوى السياسية «حزب الله» في موقع الداعم لتحالف «الوطني الحر» و«المستقبل»، في مواجهة امين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد حليف «حزب الله» والمقاومة وحليف الرئيس نبيه بري.
«التيار الوطني الحر» الذي يشكل لاعبا اساسيا في انتخابات دائرة صيدا ـ جزين، رفع من وتيرة حراكه الانتخابي في الساحة الصيداوية، واستنجد بـ«الغزوات الانتخابية» التي «يشنها» رئيسه الوزير جبران باسيل، في محاولة لاستكشاف الصورة التي يمكن تبلورها في مشهد التحالفات الانتخابية وفق حسابات «متشددة» حول مقاعد جزين الثلاثة (مقعدان مارونيان ومقعد كاثوليكي)، فيما تأثير الناخب الشيعي وقدرته على تقديم دعم مؤثر لمرشحين منافسين للتيار، في حال قرر «الثنائي الشيعي» المضي في خوض الانتخابات، بعيدا عن تمنيات ورغبات «التيار» حليف «حزب الله»، لان حلفهما برأي المتابعين، لن يكون «بكل شي… وع بياض»، بل ان لكل طرف سياسي حساباته السياسية والمبدئية والاخلاقية التي قد تفرض على «حزب الله» وحركة «امل»، ومع غياب اي مقعد شيعي ، دعم مرشحين حلفاء لهما في صيدا (مقعدان سنيان) وجزين، فالوضع مختلف عما كان قائما في آخر انتخابات نيابية جرت على اساس قانون «الاكثري»، والحسابات عند كل الاطراف لن تكون نتيجتها وفق ما يتوقع، سيما وانها المرة الاولى التي تجتمع مدينة صيدا وجزين وقضائها في دائرة واحدة… والحسابات فيها غنية بالتعقيدات، فثمة من يسأل من حلفاء «حزب الله»…
على ماذا سيُسلِّم «حزب الله» والرئيس بري، وهما مؤثران في دائرة صيدا ـ جزبن، المقعدين النيابيين في صيدا لـ «المستقبل» على طبق من «ذهب مُرصَّع» مرتين، الاولى في قانون اخرجته «صفقة الدوحة» التي جعلت مدينة صيدا «جزيرة انتخابية»، اطاحت بمقعد اسامة سعد الحليف الثابت لـ «حزب الله» وللرئيس بري في القانون الاكثري، وفي قانون النسبية؟!.
ويرى المتابعون، ان نظام اللائحة المقفلة يرسم تساؤلا كبيرا عن خيار «حزب الله» الانتخابي، هو وشريكه في «الثنائي الشيعي» حركة «امل» اللذين يمثلان قوة ناخبة يُحسب لها حساب، في صيدا وفي منطقة جزين، وباستطاعتهما الامساك باطراف المعركة والتأثير المباشر على نتائجها ، بالاستناد الى قوة اللائحة التي قد يتبنوها، وفي حالة التحالف المتوقع ان يقوم بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل»، فان تحالف عناصره تكاد تكون مكتملة ، قد يقوم بين امين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد والمرشح الجزيني عن المقعد الماروني ابراهيم سمير عازار، وهو تحالف سيشكل اكثر من ازعاج لـ«التيار الوطني الحر»!، وان كانت علاقات «التيار» مع سعد طيبة، …فاللاعبون من اللائحتين المتوقع تشكليهما، يتمتعون بنفوذ سياسي وشعبي وانتخابي، لكن معظم القوى تحاذر من الحقيقة التي تؤكد على ان هناك استحالة لاي تحالف يُقام… للفوز بالمقاعد الخمسة في الدائرة.