برهن الرئيس المكلف حسان دياب قدرة وتصميماً على خوض غمار نادي رؤساء الحكومات واستطاع أن يفرض ذاته على طائفته وعلى دار الفتوى حتى ولو أنّ لقاءً واحداً لم يعقد بين الطرفين منذ صدور مرسوم تكليفه.
إذا أزيلت العقبات فإن ساعات قليلة كفيلة بانتقال دياب ليكون رئيساً للحكومة وعضواً في نادي رؤساء الحكومات فعلياً، ويصبح التعاطي معه كأمر واقع على المستوى السنّي، خصوصاً إذا أمّن ولادة حكومة أقرب إلى تصوره منه إلى مطلب بقية الأفرقاء المعنيين بالحكومة.
رب قائل لا يزال مُصراً على مقولة ان لا غطاء سنياً للرئيس المكلف، لكن الواقع ينذر أن مجرد انحسار الانتقادات بحقه سنياً يعد مؤشراً إيجابياً، فضلاً عن حركة الإتصالات واللقاءات التي يجريها الرئيس المكلف والتي تظهر انفتاحاً سنياً مغايراً لما كان متوقعاً يوم تكليفه. ويبدو ما قاله النائب نهاد المشنوق في بيانه أمس محاولة تودد للرئيس المكلف ولو من باب الغمز من قناة الحريري بالحديث عن صلاحيات رئيس الحكومة. وإلى المشنوق يمكن قراءة بيان “كتلة المستقبل” من ناحية التسليم بأمر واقع الرئيس المكلف وتأكيد صلاحياته.
خلال المباحثات المتعلقة بالتشكيل حاول دياب الظهور في موقع الحريص على الصلاحيات لرئاسة الحكومة، بدليل الحديث عن دستورية سحب التكليف، مشدداً على نقطة أن الرئيس المكلف هو من يتولى تشكيل الحكومة بالتعاون مع رئيس الجمهورية. على ان هذه النقطة كانت نقطة الخلاف الأولى بينه وبين الأطراف المعنيين بالتشكيل ممن حاولوا اقناعه أن التشكيل لا بد أن يحصل بالتوافق بين كل الأفرقاء وليس حصراً بين رئيسي الجمهورية والحكومة على أساس أن العرف يغلب الدستور.
لكن رئيس الحكومة المكلف، بحسب المنظّرين له، ومن خلال سلوكه وتعاطيه لم يكن سهل المراس، كان يسعى وفي ظل الصعوبات التي تواجهه على الجبهة التي سمته رئيساً مكلفاً، إلى كسب تعاطف جبهتين إضافيتين:
الأولى هي جبهة الحراك. حيث يريد أن يقنع هذا الحراك أنه استطاع أن يفرض معايير وشكلاً ومضموناً لحكومة قاسها على قياس مطالب الحراك. ورغم كون تسميته جاءت من أكثرية حزبية فقد سعى إلى حكومة من غير الحزبيين، وزراؤها اختصاصيون، وأنه يخوض الكباش كي يحافظ على ما خطه لنفسه، وعلى نفسه من شروط.
الثانية: هي الرأي العام السني بقوله “اتهمتُ منكم بعدم الميثاقية فيما أنا ومنذ اليوم الأول أحافظ على نصوص الدستور وعلى هيبة الرئاسة الثالثة، والأهم اني احافظ اعتبارياً على موقع رئاسة الحكومة والطائفة التي تمثلها”.
جبهة ثالثة اضافية وهي المجتمع الدولي الذي يسعى لكسب ودها، خصوصاً ان هذا المجتمع لم يشترط رهن مساعداته بشخص الرئيس وانما بتشكيل حكومة وله ارتباطات عربياً ودولياً.
يلتقط المحيطون بالرئيس المكلف جملة مؤشرات إيجابية، كان آخرها مهلة الـ48 ساعة التي منحها الحراك لتشكيل حكومته ويمكن البناء عليها من حيث اعتبارها “رسالة دعم”.
على مستوى الشارع السني “لا عداوات لدياب مع الشارع السني ولا أرشيف سيئاً للرجل في ذاكرتهم واذا نجح في تشكيل حكومة اختصاصيين ستكون فرصته لتهدئة الشارع وامتصاص النقمة والشروع في المعالجة للأزمة المالية ولو ان من غير المنصف تصويره على انه الرجل الخارق الذي سينهي الأزمة في غضون مدة زمنية قياسية”.
ورهان دياب هو على أن يتعاطى المفتي دريان معه بعد التشكيل كرئيس شرعي للحكومة، في وقت يلمس المحيطون بالرئيس المكلف انطباعاً إيجابياً تكوّن تجاه دياب لخوضه معركته مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وصمد في مواجهة التحديات التي يواجه بها من الأطراف المعنية بالتشكيل.
معركة دياب لم تنته فصولاً بعد، وامتحانه الصعب في أن يشكل حكومة “تحظى بثقة اللبنانيين”… على أن تبقى شرعيته السنّية مرهونة بخواتيمها!