Site icon IMLebanon

دمار الهلال الخصيب؟

من نصدّق، جون برينان الذي يحاول رسم صورة شبه متفائلة عن الوضع الاقليمي، أم نصدّق وليد جنبلاط الذي يرسم صورة كارثية عن المستقبل الدموي للمنطقة؟

بالطبع نصدق وليد جنبلاط الذي قال بعد لقائه فرنسوا هولاند: “لا انفراجات، انها حرب طويلة بين العرب، إنه انهيار الهلال الخصيب ودماره، أرى معاناة رهيبة لشعوب المنطقة العربية”. طبعاً ليست هذه خلاصة لقائه مع الرئيس الفرنسي، فالمشهد الاقليمي الكارثي من بيروت أكثر وضوحاً مما هو من باريس، وجنبلاط يعرف هذا جيداً.

لا حاجة الى التساؤل كيف ولماذا والى أين، يكفي التأمل في تفاصيل المشهدين السوري والعراقي وفي انزلاق اليمن الى حرب أهلية، ويكفي تذكّر ما يجري في ليبيا وتونس وما يحاول الإرهابيون زعزعته في مصر، لكي نرى بالعين المجردة ان الصوملة تعصف بالمنطقة كلها!

على أي أساس يتحدث مدير الاستخبارات الأميركية عن إضعاف “داعش” وانه فقد زخمه ولا يتقدم، في حين تتعثر الحملة على تكريت ويستمر الحديث عن الحاجة الى ثلاث سنوات لاستعادة الموصل، بينما الوضع في سوريا الى الأسوأ، خصوصاً ان تدريب المعارضة المعتدلة لم يبدأ وتدمير ما تبقى من البلد مستمر؟

دعونا من الصورة الظاهرة للمعارك والسياسات سواء في العراق أو في سوريا أو حتى في اليمن، وتعالوا نتأمل في أبعاد الكلام والوقائع. يتحدث برينان عن تحقيق تقدم ضد “داعش” في العراق بالتعاون مع العراقيين ويحمل على دور قاسم سليماني لكنه يقول: “على رغم ان اميركا وايران تقاتلان التنظيم إلاّ أنني لا أعتبر ايران دولة حليفة”.

برينان يتجاهل الوجه الآخر للصورة لأن قتال أميركا وإيران ضد الإرهابيين يترافق مع أعمال انتقامية وتعسفية في المناطق السنيّة، وقد حذّر المرجع الأعلى علي السيستاني من نتائجها الكارثية التي تخدم تنظيم “داعش” الذي يقول هذه حرب صليبية – شيعية ضد السنّة، لجلب المؤيدين الذين نُكِّل بهم كما فعل نوري المالكي!

ما لا يعتبره برينان تحالفاً أميركياً – إيرانياً يراه الكثيرون ممن يتابعون هرولة الإدارة الأميركية لتوقيع الاتفاق مع ايران، تحالفاً يُهمِّش تعاوناً تاريخياً مع دول الخليج السنّية بما يعمق المشاعر المذهبية المتأججة انطلاقاً مما جرى ويجري في العراق!

الصورة في سوريا تمثّل الوجه الآخر للمشهد العراقي لأن ايران و”حزب الله” هما من يقاتل الارهابيين ولولاهما لسقط النظام منذ زمن، وفي ظل تلميح جون كيري الى الاستعداد لمفاوضة الأسد بعد المذابح التي نفذها في حق الشعب، ليس مستغرباً ان يجد “داعش” مزيداً من الإرهابيين ينضمّون اليه على خلفية القول إنها ايضاً حرب صليبية – شيعية ضد السنّة في سوريا… والوضع في اليمن ليس مغايراً؟!