Site icon IMLebanon

تفاصيل الرسائل الإسرائيلية إلى لبنان… ماذا عن ردّ “حزب الله”؟

 

للمرة الأولى منذ حرب تموز يلتقي لبنان على موقف موحّد تجاه العدوان الاسرائيلي على أراضيه. خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حق كل مواطن في الدفاع عن نفسه في مواجهة أي عدوان إسرائيلي يتعرض له. ليلاقيه على الوتيرة نفسها رئيس الحكومة سعد الحريري الذي سأل قائد الجيش عن الإمكانيات العسكرية المتاحة أمام الجيش لرصد حركة تحليق الطيران الإسرائيلي في أجواء لبنان. كان جواب المعنيين أنّ لبنان لا يملك منظومة دفاعية مع أجهزة رقابية، وهو يستند على رادار رصد الطيران في مطار بيروت الدولي غير المتطور في الأساس.

 

موقف لبنان الموحّد والصلب والذي يلاقي “حزب الله” في حق الرد على العدوان الإسرائيلي تقابله رسائل أميركية يستقبلها الحريري ليبلغها عبر وزير الأشغال يوسف فينيانوس إلى المسؤولين في “حزب الله”. تحذر هذه الرسائل من أن إسرائيل وفي حال رد “حزب الله” على الضربة التي تعرض لها لن تتوانى عن الرد بالمقابل، وأنّ ردها سيكون موازياً لحجم رد “حزب الله”.

 

وليس حصراً برئيس الحكومة، تكشف المعلومات عن وجود رسائل أودعتها إسرائيل لدى قوات “اليونيفيل” العاملة في جنوب لبنان تولت نقلها إلى الجهات المعنية وتقول إذا رد “حزب الله” على الضربة التي استهدفته في ضاحية بيروت الجنوبية فهي سترد حتماً على الرد، ليكون الجواب بالمقابل مفاده أن رد “حزب الله” سيكون محدداً وليس بالضرورة أن يؤدي إلى حرب مفتوحة.

 

وبالموازاة تعمل دولة أوروبية على احتواء الأزمة بين “حزب الله” وإسرائيل عبر محاولة تفسير الموقف الإسرائيلي وأسباب أو مبررات عدوانه في لبنان وسوريا. تولت هذه الدولة أخيراً نقل رسالة إسرائيلية إلى المعنيين تحاول من خلالها إسرائيل التخفيف من وطأة عدوانها بالقول إنها لم تكن تقصد استهداف وضرب مركز لـ”حزب الله” في سوريا، وإنما قواعد عسكرية إيرانية، وتكرر تهديدها عبر هذه الدولة الأوروبية بأنّ رد “حزب الله” سيواجه برد من قبلها.

 

رسائل يواجهها “الحزب” بصلابة الموقف اللبناني الذي يثمنه حيال الاعتداء الإسرائيلي الأخير، لكن بعيداً من هذه الرسائل وغيرها يحتفظ لنفسه بحق الرد الثابت على أجندته، موعده يُحدّد وفقاً لحسابات دقيقة من قبله. يرفض الدخول في تقديم موعد ولو كان تقريبياً لهذا الرد الذي تتوقع التحليلات حصوله بعد الانتخابات الاسرائيلية المقررة في السابع عشر من شهر أيلول المقبل. وتبرر التحليلات خطأ الرد في المرحلة الراهنة بالقول إن أي عمل مشابه قد يشد عصب الناخب الإسرائيلي لمصلحة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، الذي قد يجد أي ضربة موجهة من “حزب الله” فرصته لفتح أبواب الحرب على لبنان وتعزيز حظوظه، أما في حال فوز شخصية أخرى غير نتنياهو فقد يجد أي رئيس وزراء جديد عدم الحاجة إلى خوض حرب مماثلة في بداية ولايته.

 

لكن هناك من يرى في مثل هذا التحليل تفصيلاً ثانوياً لكون المسألة أكبر من هذا الاعتبار، خصوصاً أن العدو يبقى تفكيره واحداً واستراتيجيته العدوانية واحدة سواء مع نتنياهو أو مع غيره.

 

ويخلص أصحاب هذا الرأي إلى الاستنتاج بأنه من الصعوبة أن نسمع أي موقف لـ”حزب الله” يحلل في أبعاد الضربة الإسرائيلية بعد خطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله أو تحديد موعد للرد المحتوم، ذلك أنّ موقفاً استراتيجياً كهذا متصلاً بالعدو الاسرائيلي ليس من السهل الحديث عنه أو مقاربته بسهولة. لكن يمكن القول إنه وبعد الموقف اللبناني الجامع والذي يقدره ويثمنه “حزب الله” عالياً، خصوصاً بعد التسليم الرسمي للرؤساء مجتمعين بحق الرد على العدوان والبلورة العملية لثلاثية “جيش شعب ومقاومة”، فإن “الحزب”، وكما هو عموماً، له حساباته الدقيقة التي يشخّص من خلالها المصلحة ويقرأ كل المحيط ليبني على الشيء مقتضاه ويرى ما يناسب المصلحة العامة، ولو أنّ كلام السيد كان واضحاً في خطاب النصر بعد معركة فجر الجرود بأن “حزب الله” سيرد مهما كان الثمن وبالتالي فان هذا يعني أن “الحزب” لا شك أخذ في الاعتبار أنّ ردّه الحتمي مبنيّ على مثل هذه الحسابات وغيرها، وهو إذ يقدم عليه بلا تردد فبيده وحده تحديد “الزمان والمكان المناسبين”.