تدهورت العلاقة بشكل دراماتيكي بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، على الرغم من المحطة الإيجابية التي جمعتهما، على حدّ قول مصادر سياسية مواكبة للتواصل الذي كان سائداً بين الجانبين منذ أكثر من عام، وتُرجم بعدة لقاءات واجتماعات ضمّت قيادات من تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، تميّزت بالإنفتاح والمصارحة والتفاهم في أكثر من ملف سياسي وإقتصادي داخلي.
وفيما يتركّز الخلاف اليوم، كما أضافت المصادر نفسها، على قضية التعيينات الأمنية ورفض التمديد للقيادات العسكرية، فإن التواصل عبر وسطاء وأبرزهم النائب السابق غطاس خوري بين «بيت الوسط» والرابية، لم يحمل أي ملامح تفاهم حول مبدأ التعيين ورفض التعيين، وذلك من دون التطرّق إلى مسألة ترشيح العميد شامل روكز لقيادة الجيش. وأوضحت أن أوساط الرابية تعتبر أن النائب السابق خوري لم يعد صالحاً للعب دور الوسيط في العلاقة والحوار بين «التيار الأزرق» و«التيار البرتقالي»، وذلك على خلفية انعدام الثقة بدوره الإيجابي بين الطرفين، ولهذه الأسباب كانت الزيارة الأخيرة للمستشار السياسي للرئيس الحريري نادر الحريري إلى الرابية في عطلة الأسبوع الماضي.
ونتيجة للتباين في النظرة إلى مبدأ التعيين وميل «المستقبل» إلى تأييد التمديد للقيادات الأمنية، فقد نشأت لدى «التيار العوني»، ردّة فعل سلبية إزاء «المستقبل»، خاصة أن هذا الإستحقاق بات على الأبواب، وما زال موقف الرئيس الحريري ضبابياً، بحيث أنه تحدّث عن تريّث بانتظار التشاور مع حلفائه. كما كشفت المصادر السياسية المواكبة نفسها، ان الرئيس الحريري وقوى الرابع عشر من آذار، تعتبر أن الوقت في هذه المرحلة لا يسمح بتعيين قائد جديد للجيش في ظل عدم وجود رئيس جمهورية، لأن عملية تسمية قائد الجيش الجديد هي من مسؤولية رئيس الجمهورية كونه القائد الأعلى للقوات المسلّحة. في المقابل، لفتت المصادر ذاتها، إلى أن «المستقبل» أبلغ العماد عون تقديره للعميد روكز وعدم وجود أي «فيتو» على تعيينه قائداً للجيش، ولكن أثنى أيضاً على الدور والجهود التي قام ويقوم بها قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي، ولا سيما الإنجازات التي تحقّقت في الآونة الأخيرة لجهة محاربة الإرهاب القادم إلى لبنان. كذلك، أضافت المصادر، أن الحوار بين «التيار العوني الحر» و«المستقبل» الذي شهد محطات عدة وحقّق تقدّماً في العلاقات، أبرز بوضوح أن تيار «المستقبل» لا يضع أيضاً أي «فيتو» على ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، وإن كان الرئيس الحريري يؤكد في مجالسه الخاصة أن الإستحقاق الرئاسي هو شأن مسيحي ماروني، وبالتالي، فإن وصول هذا الإستحقاق إلى حائط مسدود نتيجة غياب التفاهمات المسيحية ـ المسيحية من جهة، وبين قوى 8 و 14 آذار من جهة أخرى، قد أدّى بشكل غير مباشر إلى زعزعة العلاقة بين التيارين، وإن كان التواصل لم ينقطع على الأقلّ حتى الأيام الأخيرة.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، خلصت المصادر السياسية عينها، إلى أن الحوار بين الرابية و«بيت الوسط» لم يعد على زخمه السابق، خصوصاً لدى بدايته، مع العلم أن المواقف السياسية للمسؤولين في قيادتي الطرفين لم تلحظ أي تصعيد أو توتّر، ولكن ذلك لا يعني أن النار ليست تحت الرماد، وأن سوء التفاهم بدأ يكبر بين العماد عون والرئيس الحريري تحت عنوان الإصرار على التعيينات الأمنية، في حين أن جوهر الخلاف هو حول الملف الرئاسي، خاصة في ضوء ما يتردّد عن اقتراب موعد إعلان الحريري عن دعمه للعميد روكز مقابل ثمن تطرحه قوى 14 آذار في الإستحقاق الرئاسي.