ما كادت محطة «أو تي في» تبث الشريط المصوّر الذي أظهر النائبة ستريدا جعجع وهي تتمنى أن «تولع في الجنوب»، حتى «ولعت» بين معراب والرابية، وثارت التساؤلات عمّا إذا كان الدفّ «انفخت» مجدداً بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. لكن التوتر تبدّد سريعاً مع تبادل الاتصالات بين النائبة جعجع وعون ووزير الخارجية جبران باسيل ووزير التربية الياس بو صعب والنائب إبراهيم كنعان. وتقول مصادر التيار الوطني الحر إن «محادثة الجنرال وستريدا أسهمت في وضع حدّ للتأويلات بعدما تأكد للقوات أن بثّ اللقطة لم يجرِ بالتنسيق مع قيادة التيار أو بطلب منها، وبالتالي لم يكن القصد منها التأثير سلباً بالحوار أو إنهاءه». سريعاً، طلب عون تصحيح الوضع، فصدر بيان توضيحي من محطة «أو تي في» وطويت صفحة الفيديو نهائياً. لاحقاً، شكرت جعجع عبر محطة «أم تي في» رئيس تكتل التغيير والإصلاح على «تجاوبه معي وإصراره على تصحيح الخبر»، مؤكدة أن «الحوار بين القوات والتيار لم يتأثر بفعل ما حصل».
«الحوار لا يزال قائماً، وبدفع جديد، ولن ينجح المصطادون في الماء العكر من النيل منه»، يقول رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوّات اللبنانية ملحم رياشي لـ»الأخبار»، و»الخطأ جرت معالجته بنحو حاسم ونهائي كي لا يتكرر ما حصل مجدداً».
فيما يؤكد النائب إبراهيم كنعان ـ من جهته ـ أن «المسألة توضحت عند القوات، ولم تؤثر بالحوار.
اللقاءات مستمرة، وآخرها منذ يومين والاتصالات دائمة، ونحن في صدد إنجاز ورقة إعلان نيات دسمة في الأيام القليلة المقبلة». مصطلح «إعلان النيات» يعني، بحسب كنعان، «بداية اتفاق على الخطوط العريضة التي أجمعنا عليها، أي بمثابة ورقة تفاهم تفصيلية ستتناول مواضيع عدة: من قانون الانتخابات إلى ملف الإصلاح المالي والإداري إلى الإنماء المتوازن، وصولاً إلى ملف النازحين السوريين وأمور أخرى ستُعلَن قريبا».
ويبدو أن التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية نجحا في إثبات جدّية رغبتهما المشتركة بإنجاح الحوار عبر اجتيازهما أول امتحان فعلي وإصرارهما على تخطيه. وهنا، يؤكد رياشي أن «هناك قراراً صارماً من الحكيم والجنرال بعدم العودة إلى الوراء، بل تثمير القرارات التي يتفق عليها وتحويل نقاط الاختلاف إلى نقاط تنافس سياسي». أما ورقة إعلان النيات، «فستكون خاتمة ثلاثين سنة من الصراعات التي أخذت بعداً دموياً في بعض الأحيان، وبعداً مسيئاً للمسيحيين والمواطنين في أحيان أخرى». ويهمّ كنعان التأكيد، من جهته، أن «الاجتماع بين الجنرال وجعجع هو تتويج للحوار، ولكنه ليس النهاية، إذ عندها فقط تبدأ الترجمة الفعلية للتفاهم وننتقل للعمل على كل ملف بملفه بحسب ما يجري الاتفاق عليه». وبرغم عودة جمهورَي الحزبين نهاية الأسبوع الماضي إلى عادتهما القديمة، بانتقاد كل فريق قيادة الآخر، إن كان على مواقع التواصل الاجتماعي أو على موقعي القوات والتيار الإلكتروني إثر بثّ الفيديو، إلا أن التشنجات ما لبثت أن تضاءلت نتيجة اتصال القيادتين ببعضهما.
بحسب أوساط الفريقين، الحوار بين التيار والقوات ليس مجرّد سعي لملء شغور الرئاسة وتحييد الأنظار عن حوار المستقبل وحزب الله. ويؤكدان، من خلال ورقة تفاهمهما، أن المرتكزات التي يجري العمل عليها توضع للمرة الأولى بين حزبين مسيحيين منذ 30 عاماً؛ وهو في حدّ ذاته «إنجاز كبير».
ولكن، ماذا عن نتائج الحوار وأهدافه؟ يجيب رياشي مقتبساً من بولس الرسول: «لكل شيء وقت، وقت للحصاد ووقت للزرع. ولا يجوز أن يكون الحصاد في وقت الزرع. نحن مستعجلون ولكن غير متسرعين…».