اليوم تنعقد جلسة الحوار الثانية بين وفدي “حزب الله” وتيار “المستقبل” لاستئناف رحلة مرحلة سياسية ما زالت نتائجها موضع بحث وتأويل، وخصوصا ان الجواب القاطع عن الاسباب التي حدت بكل طرف الى طي صفحة قطيعة من التوتر استمر نحو 4 اعوام والجلوس وجها الى وجه الى طاولة واحدة، لا يزال موضع تكهن ايضاً.
من البديهي ان للحزب رؤيته للاسباب التي دفعت التيار الازرق الى أن يأخذ قرار العودة الى طاولة الحوار معه، وابرزها على لسان مصدر قيادي فيه ان القرار لم يصدر من لدن قيادة التيار بقدر ما كان توجهاً سعودياً جلياً في أعقاب سيطرة تنظيم “داعش” على الموصل، اذ استشعر العرب عموما والخليج خصوصا يومذاك ان هذا “الوحش” الذي ربي ليكون عنصر توازن مع آخرين، وعامل تخويف لهم قد “تمرد” على مهمته الاساسية وصار يشكل خطرا حاضرا ولاحقا على المعادلات وموازين القوى في دول المنطقة عموما.
ساعتذاك اعطي “امر عمليات” للتيار الازرق لكي يقبل بما كان يرفضه قطعا سابقا وهو التحاور مع الحزب لهدفين اثنين:
الاول: ان ثمة خوفا من أن يلتهم “داعش” سوريا بسرعة وكذلك ساحتي العراق ولبنان، فيطيح “المستقبل” نفسه ويخلخل معادلات.
الثاني: الخوف من ان يحاول “داعش” التسلل الى الداخل اللبناني فيودي بالاستقرار النسبي، وخصوصا اذا ما اضطرت قوى محلية مثل “حزب الله” الى ان تخرج عن خطوط معينة رسمتها لنفسها وترد على تحديات داخلية تقوم بوجهها.
واذا كانت هذه هي الأسباب التي دفعت الى سلوك المسلك الحواري الخشن، فماذا عن الاسباب التي حدت بالحزب الى فتح صدره لهذا الخيار والسير بموجباته؟
يقول المصدر القيادي نفسه: “لم يعد خافيا ان من فاتحنا بالحوار اولا هو الرئيس نبيه بري وثانياً النائب وليد جنبلاط، وقد اتيا الينا بعرض الحوار ومعهما كلام على موافقة مسبقة من تيار “المستقبل” لكنها مقرونة بقول فحواه اننا مستعدون ولكننا نعتقد ان الحزب ليس مستعداً بعد للمضي بهذا الخيار، فكان ردنا سريعا وحاسما بالتجاوب. ولكي نؤكد قبولنا بالامر ونزيل اي التباس، اتت موافقتنا مباشرة على لسان سماحة اميننا العام، ونحن نعتقد ان موافقتنا بهذه الطريقة احرجت التيار الازرق واوجدت تباينات وتعارضات في داخله، وبالطبع فان في المقابل لنا اسبابنا التي دفعتنا الى هذا الخيار وابرزها:
ان خطابنا السياسي من الاصل لم يرتفع كما فعل سوانا الى درجة تجعل العودة الى اي حوار مع اي خصم سياسي محرّمة، فنحن كنا وما زلنا مقتنعين بأن اي طرف كائنا ما كانت قوته، لن يستطيع بمفرده حكم لبنان او فرض نظام معين عليه.
– ان مشروع المقاومة الذي نحمله ونعطيه الاولوية على ما عداه، يحتاج الى ساحة هادئة ويصيبه الضرر اذا ما غرقت البلاد بلجة فتنة، لذا نحن نأينا بأنفسنا عن التصادم مع ظواهر انوجدت طوال الاعوام الاربعة الماضية، من اجل ان لا نتصادم يوما، وبرأينا ايضا ان الحوار يؤمن ديمومة الاستقرار ويحصن الساحة في وجه امرين: الاول اي شكل من اشكال الفتنة المحتملة، والثاني في مواجهة الارهاب المتمدد والطامع ببلوغ ساحتنا وايجاد مواطئ قدم له فيها.
– ان الحوار مطلوب ما دام لا يمس ما نعتبره ثوابت واستراتيجيات بالنسبة الينا (مثل سلاح المقاومة، ووجودنا في سوريا)”.
ماذا عن التوقعات والرهانات والآمال المعقودة على نتائج الحوار؟
بحسب المصدر القيادي، “نحن عندما قرأنا في دوائر القرار الداخلي في الحزب الحوار مسارا ومصيرا، كان رأينا انه مهم ومفيد في كل الظروف لنا وللبلاد وللاستقرار، فإذا كان ثمة من يرى ان يكون الحوار عبارة عن صورة فحسب من شأنها ان تبدد مناخات ونفوساً حامية فأهلا به، واذا كان الآخرون مستعدين للارتقاء به الى مراتب اعلى ومقاصد اكبر لحل ملفات عالقة، فنحن مستعدون كل الاستعداد لهذا الامر، واذا لم يثمر الحوار فنحن لن نفاجأ ولن نصاب بخيبة امل، ولكننا في كل الحالات لا نرى ان الحوار نهاية الدنيا ولا نفع أن يبقي كل رهاناته في سلته.
وعن امكان ان تنفتح ابواب الحوار على مسألة ملء الشغور الرئاسي يجيب المصدر القيادي “ان الامر محسوم ومبتوت من جانبنا. مرشحنا للرئاسة الاولى هو العماد ميشال عون، ولن يكون الحوار معبرا لتغيير هذه الثابتة، ولو فوتحنا بالامر في طاولة الحوار فسنقول كما قلنا لجهات اخرى داخلية وخارجية فاتحتنا بالموضوع، القضية في الرابية وعند سيد الرابية الجواب الحصري فراجعوه. لكننا لا نزال عند موقفنا بأن عون يملك الاسباب والحيثيات التي تجعله المرشح الجدير بالرئاسة الاولى، اذا كان المطلوب ان يكون ثمة توازنات في مؤسسات حكم البلاد، ونحن ننصح معارضي انتخابه بالقبول به مرشحا للرئاسة الاولى”.