لبنان سيبقى تحت وطأة المطبّات السياسية والمخاوف الأمنية إلى حين جلاء المشهد الإقليمي
طاولة الحوار تطوي ملف النفايات اليوم ما لم تبرز تعقيدات غير موضوعة بالحسبان
دعوة لجنة النازحين للإجتماع الأسبوع المقبل تؤكّد إستبعاد خيار الإستقالة أو تعليق عمل الحكومة
تلتقي كل المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية عند ثابتة واحدة وهي أن الوضع اللبناني بمختلف مندرجاته من رئاسة الجمهورية إلى أبسط ملف سيبقى معلّقاً على حبل الأزمات المفتوحة في المنطقة وبالتالي فإن البلد سيبقى تحت وطأة مطبّات سياسية واقتصادية ومخاوف أمنية إلى حين نضوج تسوية ما تضع حدّاً لحالة الجنون التي تضرب العديد من الدول في الشرق الأوسط.
وإذا كانت طاولة الحوار التي ستنعقد اليوم في طبعتها السادسة عشر في عين التينة تُعتبر النجم الذي يسطع في ليل لبنان الحالك، فإن المؤشرات التي برزت من خلال المواقف والمداخلات التي تحصل مع كل جولة لا توحي بأن هذه الطاولة وبالرغم من المساعي التي يبذلها الرئيس نبيه برّي ستُحدث أي خرق في أي بند من البنود المدرجة على جدول أعمالها، وأن جلّ ما تستطيع فعله هو الحؤول دون انتقال الإشتباك السياسي إلى الشارع لاعتبارات إقليمية ودولية أكثر مما هي محلية.
وعليه فإن كل الحراك الحاصل على كافة المستويات لن يصل إلى مرحلة الحلول لأي من الملفات المطروحة، وأن الحديث عن تعليق عمل الحكومة بات أقرب إلى التحقيق ما لم تُحلّ أزمة النفايات في غضون الساعات المقبلة وهذا ما يستبعده مصدر وزاري الذي يرى أن الأمور ما تزال مقفلة، وأننا ذاهبون في ضوء ذلك إلى مرحلة تتّسم بالغموض، خصوصاً وأن الرئيس تمام سلام جدّي هذه المرة في اتخاذ القرار الذي لطالما تجنّب أخذه منذ أن بدأت أزمة النفايات وغيرها من الخلافات التي «كربجت» عجلة الحكومة وحالت دون إنجاز المهمات الملقاة على عاتقها.
ويؤكّد المصدر بأن أزمة النفايات لا يمكن فصلها عن الصراع السياسي الحاصل، حيث أن هناك قطبة مخفية ما تزال تحول دون معالجة هذه الأزمة التي باتت بمثابة الحرب الكيميائية التي تُشنّ على اللبنانيين، حيث أن مقترحات عملية كثيرة وضعت وكأنت تصطدم دائماً بالعوائق السياسية والمناطقية والطائفية وكأن هناك من يريد بأن يبقى هذا الملف مفتوحاً للتغطية على ملفات زخرى.
ويسأل المصدر مَنْ الذي يمنع الدولة من تنفيذ القرار الذي اتخذته مع بداية اندلاع هذه الأزمة، أو الذهاب في اتجاه استملاك أراضٍ من المشاع وتحويلها إلى مطامر صحية لننهي هذه المهزلة، مشدداً على أن نفض الأيدي والهروب إلى الأمام سيفاقم الأزمة ويعقّدها أكثر وهو ما سيكون له آثار سلبية على صحة المواطنين وهذا ما بات يحذّر منه على مستوى دولي حيث يتم تناول هذا الملف عبر وسائل إعلام دولية للدلالة على مخاطر استمرار النفايات على ما هو عليه في الشوارع وداخل الأحياء السكنية.
وفي رأي المصدر أن الساعات القليلة المقبلة ستكون فاصلة في هذا الخصوص، كاشفاً عن مقترحات كثيرة تُطرح على طاولة النقاش وفي حال لم يتم الوصول إلى نتيجة فإننا ذاهبون إلى أزمة مفتوحة على كافة المستويات، وسنكون كمن يُطلق الرصاص على قدميه ولا يعود قادراً على فعل شيء، معلّقاً أهمية بالغة على طاولة الحوار التي ستنعقد اليوم بغياب النائب وليد جنبلاط الموجود في الخارج في إمكانية الوصول إلى خاتمة سعيدة لهذا الملف الذي بات مرتبطاً بمصير الحكومة.
غير أن مصدر وزاري آخر يرسم صورة تفاؤلية أكثر وهو يرى أنه في حال لم تبرز عقبات جديدة في الربع الساعة الأخير فإن ملف النفايات سيطوى، حيث أن الاتصالات والمشاورات أفضت إلى تقريب وجهات النظر وأن تظهير ذلك سيتم على طاولة الحوار اليوم حيث يُفترض أن يتم الاتفاق على أربعة مطامر هي الكوستا برافا، برج حمود، وثالث في الناعمة، أما الرابع فهو مسمر «سرار» في عكار الذي أخذ الرئيس سعد الحريري على عاتقه إزالة العقبات التي كانت تعترض ذلك، وفي حال حصل ذلك فإن الرئيس سلام سيدعو إلى جلسة قريبة لمجلس الوزراء لإقرار الخطة.
ويرى المصدر أن دعوة رئيس الحكومة اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النازحين السوريين إلى الاجتماع الأسبوع المقبل هي مؤشر واضح على أن الحكومة باقية وأن الكلام الذي يُقال عن إستقالة أو تعليق عمل الحكومة لا صحة له على الإطلاق.
وبالرغم من هذه المناخات التفاؤلية التي يضخّها المصدر الوزاري فإنه لا يُسقط من الحساب عقبات اللحظات الأخيرة سيّما وأن خيبات أمل متعددة حصلت خلال المشاورات التي جرت على مدى الأشهر الماضية لمعالجة هذه الأزمة، حيث ما إن تقترب هذه المشاورات من الوصول إلى حلول كانت تصطدم بالحائط، إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.
وللدلالة على الأثر السلبي لاستمرار هذه الأزمة مفتوحة لم يستبعد المصدر الوصول إلى مرحلة إعلان حالة الطوارئ الصحية، خصوصاً وأن غالبية المستشفيات في العاصمة والمناطق لا يوجد فيها سرير واحد فارغ حيث أن هناك المئات من المواطنين وخصوصاً من الأطفال مصابون بأعراض صحية نتيجة تنشقهم الهواء الذي بات ملوّثاً، وهذا الأمر بلا شك يكبّد خزينة الدولة المزيد من الخسائر المالية وكذلك المواطنين الذين هم في الأصل يعانون من الضيقة المعيشية نتيجة الأوضاع المتردية حيث أن نسبة البطالة والهجرة تزداد يوماً بعد يوم.