في غياب رئيس للجمهورية يدير شؤون البلاد والعباد، والتعطيل المتعمّد لعمل الحكومة، برزت الحاجة من جديد الى طاولة الحوار التي كان الرئيس نبيه بري البادئ بها، قبل ان يعود الرئيس ميشال سليمان فيتلقّفها ويتابع العمل بموجبها. ظروف العام 2006 كانت مشابهة لواقعنا، فالرئيس الذي في بعبدا كان منقطعاً عن التواصل مع الشعب، وكانت أزمات حكومية ونيابية لا تقل خطورة عما يعانيه مجمل الوضع اليوم، لذا كانت المبادرة، وهي لا تزال حاجة ملحة للتقارب والحوار بين قادة الصف الاول، علهم يتفقون، أو يفضحون عجزهم، فلا يخوضون معارك بالواسطة كما يفعلون حاليا. ولا يخاف احد ان يسرق الرئيس بري دوراً للرئيس، لانه كان البادئ بالمبادرة، ويحق له اطلاقها من جديد، وهو يعرف جيدا كيف يدير اللعبة، ويفسح في المجال لغيره عند تبدل الادوار.
صحيح أن معظم القادة السياسيين يرتبطون بالخارج، وينفّذون املاءات، ويخدمون مصالح الغير، لكن الحوار اثبت دائما جدواه، وإن في تحقيق الحد الادنى الضروري لعدم تفجّر الوضع الداخلي. فالحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” لم يساهم في انتخاب رئيس او دفع الحكومة قدماً، لكنه خفّف احتقان الشارع ومنع التصادم السني – الشيعي في الاحياء والزواريب. ومثله حوار “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” فقد اراح الاجواء الشعبية ومهّد لاتفاقات شبابية على مستوى المدارس والجامعات، وربما أفاد في موضوعات وطنية وسياسية مثل التعيينات الادارية.
لذا تبرز الحاجة مجدداً الى توسيع دائرة الحوار لتشمل الجميع، وربما فئات ومجموعات لم تشملها الجولات السابقة، لعل وعسى نتمكن من تجاوز الازمة المستمرة والمرشحة لمزيد من التصعيد، فيجترح لبنان اعجوبة تخطّي ازمات المنطقة المتفجّرة من غير ان يقع مجددا في التجربة.